وشرحه. ومن جملة ما قال: إن كثيراً من النساخ بهم في هذه اللفظة، فيكتب الخاء جيماً، وهو غلط إذ ليس في أسماء العرب جمعة علماً على ذكر أو أنثى.
اهـ كلام الأستاذ ونقله.
قلنا: إن أستاذنا مصيب في كلامه هذا. وأصحاب المعاجم والدواوين اللغوية والشعرية والأدبية الذين ذكروها، لم يتعرضوا لها في بحثهم ولم يضبطوا الكلمة ضبطاً بالألفاظ، وإنما جاءت في كلامهم استطراداً، ولعلهم ذكروها في الأصل بالخاء المنقوطة الفوقية، فلما لم يفهمها النساخ، أو أصحاب المطابع حرفوها. وما اسهل إبدال اسم مجهول، أو نادر الورود، كخمعة، باسم معلوم أو متداول وهو جمعة. قلت: إن كان لم يرد علم ذكر أو أنثى
باسم جمعة في القديم كما ذكره القاضي عياض، فأنه مشهور اليوم، لا سيما في العراق. فقد يسمى به بعض من يولد يوم الجمعة. لا بل ذكر صاحب التاج في المستدرك، أنه قد سموا جمعة بضمتين. فإنكار القاضي عياض لها في غير محله. وعلى كل قاسم المرأة المشهورة الايادية هي خمعة، بالخاء المنقوطة الفوقية، كما حققه شيخنا الأستاذ الآلوسي على ما تقدم إيضاحه.
وقد ذكر الأدباء من كلامها المأثور، شيئاً من المنثور، ولم يذكروا لنا شيئاً من المنظوم، وقد روى لنا ابن أبي طاهر، صاحب كتاب بلاغات النساء أبياتاً من شعرها منها هذه:
اشد وجوه القول عند ذوي الحجى ... مقالة ذي لب يقول فيوجز
وافضل غنم يستفاد ويبتغى ... ذخيرة عقل يحتويها ويحرز
وخير خلال المرء صدق لسانه ... وللصدق فضل يستبين ويبرز
وإنجازك الموعود من سبب الغنى ... فكن موفياً بالوعد تعطى وتنجز
ولا خير في حرٍ يريك بشاشة ... ويطعن من خلف عليك ويلمز
إذا المرء لم يسطع سياسة نفسه ... فأن به عن غيرها هو أعجز
وكم من وقور يقمع الجهل حلمه ... وآخر من طيش إلى الجهل يجمز
وكم من أصيل الراي طلق لسانه ... يصير بحسن القول حين يميز
وكم مافون يلوك لسانه ... ويعجن بالكوعين نوكا ويخبز