للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتابة، ويتقوا أن يسقطوا فيها، كما سقطوا من قبل. وقد رأيت أنا هذا العاجز أن أخوض عباب البحث، إجابة لكاتب المقالة، وفضلت أن تكون مقالته نفسها محط النظر، لما رأَيت من رغبته في تصحيح سقطات الكاتبين وقد كان يسرني أن يسبق إلى الكتابة في ذلك، كاتب من افصح كتاب العراق. لأن المقام مقام باحث طويل باعه، واسع اطلاعه. وأملي بعد هذا أن لا يستقلّ بهذا العمل، ألا من عرف من نفسه الكفاءَة، وأحرز فيها الاضطلاع، فأقول: إن تراكيب هذه المقالة لا تشبه تراكيب الفصحاء، ولم تكن تعرف من الطراز الأول عند أئمة الإنشاء، بل هي تراكيب جديدة الوضع، أحدثتها النقلة عن اللغات المغربية، ولم يكن الكثير منهم قد احكم معرفة العلوم العربية، وأخص علم اللغة منها، ولا أحرز ملكة الإنشاء الصحيح ولا كتب له أن يستظهر كثيراً من تأليف الكلم الفصيح وجمله وتراكيبه، ولا يزال رجالات من كتاب هذه الأيام المعدودين يسقطون في تلك الأغاليط، على كثرة ما َندَّد بها النقادون. فمن تلك التراكيب الموضوعة في هذه المقالة البعيدة فيما اعلم عن التأليف الفصيح، قوله: (خدمة يسطرها لهما التاريخ بمداد الفخر) وإذا أراد الفصيح هذا المعنى قال: خدمة تذكر فتشكر، أو خدمة مخلدة، أو تبقي أثراً خالداً وما أشبه ذلك. وقوله (فيتتبعون حركات صحافينا ويقفون لكتاباتهم بالمرصاد) والفصيح: فيتحرون كتابة الكتاب ويترصدون مظان خطائهم، أو ويستدلون على معايرهم، وما اشبه هذا. وقوله: (إلا أن يوقف أوقاته الثمينة في سبيل الترصد لهم) والفصيح أن نقول: ألا أن يستفرغ وسعه في تحري عثراتهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>