للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيناً خصوصاً في كتاباتهم التي تختص بالمذاهب والأديان. وقد يعذرهم المنصف العارف بعوائد الشرقيين وأخلاقهم لأن ثمة سراً لا يقدر أن يطلع عليه غير الشرقي نفسه وسببه جهله الفاشي بين اظهر أصحابه فشوّاً فاحشاً سيما العراقيين منهم.

فالعراقيون يخلطون الواجب بالمستحب، والحلال بالحرام، والأصل بالفرع، والفرع بالبدعة، والبدعة بالعادة، والعادة بالخرافة، ويعتبرون الجميع من أصل واحد. وينسبونها كلها إلى صدر الإسلام. وربما يعزونها إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) أو إلى صحابته الكرام (رض) بلا سند ولا دليل. وإذا اعترض عليهم معترض كفروه في الحال ونسبوه إلى الزندقة والإلحاد. والإسلام براء مما يزعمون.

إذا سأل الغربي الذي لا يعرف من الشرقيين إلا صورهم وأسماءهم وأزياءهم سؤالاً يوجهه إلى العراقي ليستخبره عن عمل رآه يعمله أو يقوم بواجب: هل هذا من أصل الدين أو فروعه أو بدعة ابتدعها أحد المسلمين أو عادة تعودها العراقيون من القديم. فلا يجيبه إلا

بعكس ما سأله وغير ما قصده ظناً منه أنه إذا أوهمه بالجواب وأضله بالكلام لا يحصل ذاك على نتيجة منه فيرجع حينئذٍ بخفي حنين. وذلك لاعتقاد بعض الجامدين حرمة كشف أستار الدين للرجل الذي ليس من المسلمين. أو تعصباً منه لفرقته حتى على الفرقة التي تناوئها من فرق المسلمين أنفسهم. أو حذراً من الانتقاد أو وقوعاً لسوء تفاهم بين السائل والمسؤول.

فإذا سمع الغربي هذا الجواب، دونه في ديوان رحلته وجعله غاية سؤاله واخذ بعدئذٍ بتعليق حواشٍ وتفاسير عليه ظناً منه أنه لم يرو له إلا الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>