البتة. وهذا الرسم رسم الدفن. يثمر للحكومة المحلية مبالغ طائلة ويمنع الفقراء من أن يفكروا بأن يدفنوا موتاهم في هذه البقعة الميمونة. أما الأغنياء الذين ورثوا الميت، فأن الأموال الطائلة التي وقعت إليهم بعد وفاته تحث الوارث إلى أن يسرع في دفن جثة ذاك الذي جاد عليه بتلك المبالغ الجسيمة وحينئذٍ لا يستطيع أي مصرفٍ ينفقه في وجه هذا العمل المبرور الملزوم به. وهكذا تنقل جثث أولئك الموتى من أقصى ديار آسية إلى هذه الديار المجاورة لنهر الفرات المشهور في التاريخ.
فالدفنات الحافلة الشائقة كثيرة الوقوع إذاً في كربلاء ولقد شهد صاحب هذه المقالة موكب دفن واحد من هنود الشيعة وأئمة علمائهم الفحول، وكان قد نقل إلى كربلاء بمبالغ باهظة من الأصفر الرنان. ولما دخل المدينة تابوت هذا الرجل الكبير قامت له كربلاء كلها وذهب لاستقبال جثته عشرة آلاف شخص وكان أهل البلدة قد ركزوا أعلاماً ورايات مختلفة إِعضاماً للمصيبة. وكان الجمع يقف بجثته على كل خطوة يخطوها ليتلو الأدعية أو يسمعها. وطافوا بها حول الأسوار ودام الطواف ثلاث ساعات قبل أن يبلغوا الصحن وهذا المتوفى الذي جاء من بعيد ليسند رأسه الإسناد الأخير في كربلاء فاز بأنعام سام وهو أنه دفن في صحن الإمام الحسين وبقي القراء يقرءون على قبره بالتناوب ليل نهار مدة شهر.
وقياماً بتأُدية حقوق الحقيقة نقول: إن المؤمنين القليلي التوفيق في