للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن المرحوم ثيودور بنت مع سعة إطلاعه لم يكتب عنها إلا فصلا واحداً في كتاب له بل اللرد كرزن نفسه المشهود له بدقة البحث وبعد النظر وعلو الهمة والصبر على المتاعب والمشقات لم يدون عنها في كتابه شيئاً يستحق الذكر سوى قوله يوجد عدد وافر من القبور في البحرين. ويظهر لنا أما إنه لم يتح له الحظ زيارتها والوقوف عليها بذاتها ليميط الحجاب عن بعض غوامض أسرارها أو إنه لم يعرف حقيقة أمرها ورفعة شأنها في عالم الآثار النفيسة.

إن السائح الباحث إذا وطأت أقدامه تلك الربوع يقف حائراً مبهوتاً سائلاً ذاته: من هم ترى أصحاب هذه المدافن؟ ومن أي شعب أو قبيلة أو لسان كانوا؟ وما هي درجتهم في عالم المدنية والعمران؟ وبأي دين كانوا يدينون؟ وما هي جل معتقداتهم؟ وما هي شعائر ورسوم معبوداتهم؟ وما هي صفة حكومتهم أجمهورية كانت أم ملكية أم استبدادية؟ وما القصد من تشييدهم قبوراً هذا عددها في برية لا أنيس فيها ولا جليس؟ إلى غير ذلك من المسائل العديدة التي يطول الشرح في سردها وتعدادها. وليس في وسع أحد الإجابة عنها جواباً مقنعاً يشفي الأوام لأنه قد سدل على زمن تاريخها وتأسيسها حجاب الغموض والإبهام لبعد عهدها وتوغلها في القدم.

وقد ارتأى بعضهم منذ أعوام أن الخليج الفارسي هو مهد حضارة الجنس البشري وأصحابه

هم أول من تغلغل في المدنية وسكانه هم أول من قطع الفيافي ومخر البحار واقتحم الأخطار واختبر فن الملاحة وأهوالها. فقد أنبأتنا سجلات ورقم المصريين القدماء عن أرض تسمى

<<  <  ج: ص:  >  >>