أنكر بعض كتاب مجلة لغة العرب نسبة هذه العادة إلى حادث تاريخي فجئت بهذه الأسطر أؤيد ما كتبته سابقاً في هذا المعنى (٣١١: ٢) نقلاً عن الكتبة الأقدمين وهو ما أشرت إليه بوجه الأجمال هناك فأقول:
ذكر المولى محمد المحبي صاحب خلاصة الأثر، في أعيان القرن الحادي عشر، في الجزء الثالث من تصنيفه في ترجمة ابن الصغير عمر بن محمد ما انشد إليه البديعي قوله:. . .
دقوا بطاساتهم لما رأوه بدا ... توهما أن بدر التم قد كفا
قال: وهو معنى حسن تصرف فيه واصله ما اشتهر في بلاد العجم أن القمر إذا خسف يضربون على الطاسات وباقي النحاس حتى يرتفع الصوت زاعمين بذلك أنه يكون سبباً لجلاء الخسوف وظهور الضوء هكذا قاله بعض الأدباء والذي يعول عليه في اصله أن هلاكو لما قبض على النصير الطوسي وأمر بقتله لأخباره ببعض المغيبات قال له النصير: في الليلة الفلانية، في الوقت الفلاني، يخسف القمر. فقال هلاكو: احبسوه إن صدق أطلقناه واحسنا إليه وإن كذب قتلناه فحبس إلى الليلة المذكورة. فخسف القمر خسوفا بالغاً. وأتفق أن هلاكو غلب عليه السكر تلك الليلة فنام ولم يجسر أحد على إيقاظه. فقيل للنصير ذلك. فقال: إن لم ير القمر بعينيه أصبح مقتولاً لا محالة وفكر ساعة ثم قال للمغول: دقوا على الطاسات وإلا يذهب قمركم إلى القيامة فشرع كل واحد يدق على طاسه فعظمت الغوغاء فانتبه هلاكو بهذه الحيلة ورأى القمر قد خسف فصدقه وبقي ذلك إلى يومنا هذا. المراد من إيراده وهناك ذكر شاهد آخر يؤيد هذا الخبر لا محل لإيراده هنا.
وفي روضة الصفا التاريخ الفارسي في ذكر فتح هلاكو بغداد ما يقرب من هذه الحكاية.
قلنا: وأنت تعلم أن نصير الدين الطوسي توفي في مراغة سنة ٦٧٥هـ - ١٢٧٦م وتوفي هولاكو سنة ٦٦٤هـ - ١٢٦٥م فتكون العادة إذاً قديمة.
وفي ديوان أبي بكر العمري ذكر خبر يؤيد وجود مثل هذه العادة في دمشق الشام وقد ارتجل أحدهم أبياتاً منها هذا البيت: