للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكثيرة الغبار التي تكثر في العراق لتمنع البرد أو دخول الغبار الفم. . ولهذا سماها العراقيون الكفية من الكف وهو المنع أو من الكفة بضم كما قلنا في أول هذا المقال.

ومن الغريب أن لفظة الكوفية تكاد تكون في جميع اللغات بلفظ واحد وبمعنى مقارب للمعنى العربي فقد ذكرنا اسمها عند الروم. وأما الإيطاليون فيعرفونها باسم وهو بالأسبانية وبالفرنسوية وبالبرتوغالية قال دوزي المستشرق الشهير: أظن أن الشرقيين اخذوا هذه الكلمة من الإيطاليين لأنه كان لهم في القرون المتوسطة تجارة كبيرة في موانئ مصر والشام وكانوا ينقلون الصليبين من ديارهم إلى ربوع الشرق والظاهر أن الكلمة التركية (اسقوفية) مأخوذة من الأصل الإفرنجي المذكور لأن الرحالة كوتوفيك يقول في كلامه عن البنات اليهوديات في الشرق ما معناه: (ويضعن على رؤوسهن اسقوفية من فضة أو من نحاس مذهب بمنزلة حلية وتتخذها أيضاً الكبيرات سناً منهن بعد أن يكن قد عقصن شعورهن بمهارة ولباقة.)

والبائن أن قدماء العرب كانوا يتخذون العمامة فوق الكوفية ولا سيما أهل المدن منهم. وكانوا يسمونها باسم واحد وهو العمامة كما ألمعنا إليه فويق هذا. وقد أشار إلى بعض ذلك الأديب الإنكليزي والمستشرق الكبير (لين في تعليقاته على كتاب ألف ليلة وليلة، قال: يلبس أهل المدن الكوفية وفوقها العمامة، وأظن انه مصيب في قوله هذا. لأن الرجل المذكور من العلماء الذين يشار إليهم بالبنان ومن المتبحرين في اللغة العربية وآدابها ومعرفة الناطقين بها وأحوالهم وأمور معاشهم. فإذا عرفنا ذلك هان علينا فهم كثير من عوائدهم التي لا تتضح إلا بعد الوقوف على هذا النوع من العمرة.

وكثيراً ما كانوا يتلثمون بفضلة الكوفية لكي لا يظهروا أنفسهم لأعدائهم فيخفون وجههم كله

أو بعضه حسبما يعن لهم أو يشاءون. ولهم أوضاع واصطلاحات في ذلك منها: (الاعتجار) قال صاحب تهذيب الألفاظ: كانت الفرسان في الجاهلية عند اجتماع الناس بعكاظ في وقت الحج يعتجرون (أي يلفون عمامتهم دون

<<  <  ج: ص:  >  >>