للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما تم هذا العمل كان يستطيع كل أحد أن يرى مشهداً في أقصى الغرابة وهو انه يعاين جميع الأعضاء تتم وظائفها كأنها لم تخرج من موطنها، يشاهد القلب يديم نبضه بدون خلل في الحركة، والرئتين تتنفسان على مألوف عادتهما، والمعدة والأمعاء تهضم الأطعمة احسن هضم، والكبد والكليتين تفرز مفرزاتها بينما يبقى الدم في أوعيته برباطات ويجول في مجالاته بدون انقطاع، متنقلاًَ من عضو إلى عضو، متخذاً من الرئتين الاكسيجين الضروري لحياة الخلايا ولما يعود إلى مقره الأول يغزر الحامض الكربوني المنبعث من

الاحتراق في الأخطاء.

ومن غريب أمر هذه الأعضاء أنها تقوم بوظائفها على أتم وجه كأنها في الجسم نفسه ولم تخرج منه، لأنك ترى الماء والأطعمة التي تدخل المعدة تهضم احسن الهضم، لا بل يجري الهضم مجراه المألوف إلى آخر عمل من أعماله وقد تم ذلك في خبرة اختبرها كانت فيها المعدة مملوءة طعاماً حينما سلت من موطنها.

هذا وانك لا ترى هذه الظواهر في بضع دقائق فقط، بل تراها دائبة عدة ساعات طوال. وفي الاختبارات التي نجحت أتم النجاح دام الذماء ثلاثة عشرة ساعة.

فتحقق مما تقدم بسطه انك ترى جميع مظاهر الحياة النباتية بينة ومحفوظة في تلك الأخطاء وإن نزعت من موطنها. ويمكن للباحث أن يتبع مدة ساعات أسرار الحياة التي تتدفق في مجاري تلك الأعضاء الموضوعة في بوقالة تلك الأسرار التي كانت قد بقيت غامضة إلى عهد هذا الطبيب النطاسي والبارع الفذ.

هذا وليس في علم وظائف الأعضاء من الاختبارات ما يضاهي هذه التجارب الغريبة التي تدهش كل إنسان، ولا سيما لأنها وضعت أسرار الحياة الغامضة على طرف الثمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>