للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عربية ترادف أو تقابل كلمة لأني أرى بعضهم وضع لها كلمة السوق الطبيعي أو الانسياق كما جاء في المقتبس ٤٢٦: ٧ ولا أرى ذلك موافقاً لوضع الألفاظ العربية فإن لم نقبلها فأي حرف يتخذ عوضاً منها.

نقول: إن لفظة سوق الطبيعة أو السوق الطبيعي أو الانسياق هو من أوضاع الترك كما يرى ذلك في المعاجم الفرنسوية التركية. والظاهر أنهم لم يصيبوا في وضعهم هذا لجهلهم أسرار اللغة العربية وأسرار ألفاظها. وأول اعتراضنا على (السوق الطبيعي) أنه مركب من لفظين للدلالة على معنى واحد. وثانيا أنه يؤدي المعنى المطلوب أتم التأدية وأما الانسياق فغير وافٍ بالمقصود لأننا نحتاج أيضاً إلى أن نردفه بكلمة ثانية فنقول الانسياق الطبيعي. هذا فضلاً على أن وزن الانفعال لم يسمع في هذا الفعل.

واحسن لفظة تقوم مقام الفرنسية هي السليقية وقد وردت مراراً عديدة في مقدمة ابن خلدون النقاد البصير والكاتب الضليع الخبير. ومما يؤيد ما ذهب إليه كلام عرب صدر الإسلام بل كلام عرب الجاهلية. قال في تاج العروس فلان يتكلم بالسليقية: منسوب إلى السليقة. قال سيبويه وهو نادر. أي عن طبعه لا عن تعلم. ويقال أيضاً: فلان يقرأ بالسليقية أي بطبعة الذي نشأ عليه. وقال الليث: السليقي من الكلام ما لا يتعاهد إعرابه وهو فصيح بليغ في السمع، عثور في النحو. وقال غيره: السليقي من الكلام: ما تكلم به البدوي بطبعه ولغته وإن كان غيره من الكلام آثر واحسن. وقال الأزهري: قولهم هو يقرأ بالسليقية أي أن القراءة سنة مأثورة لا يجوز تعديها فإذا قرأ البدوي بطبعه ولغته ولم يتبع سنة قراء الأمصار، قيل: هو يقرأ بالسليقية، أي بطبيعته ليس بتعليم. وفي حديث أبي الأسود الدؤلي: أنه وضع النحو حين اضطرب كلام العرب فغلبت السليقية أي اللغة التي يسترسل فيها المتكلم بها على (سليقته) من غير تعهد إعراب ولا تجنب لحن. قال:

ولست بنحوي يلوك لسانه. ولكن سليقي أقول فاعرب. (كلامه).

فالظاهر من هذا القول الطويل أن السليقي خاص بالكلام واللغة. وأما السليقة فخاصة

بغيرهما. ولو أردنا أن نطلب من أبناء الغرب أن يشرحوا لنا كلمة

<<  <  ج: ص:  >  >>