للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله: (والدموع التي فاضها والصواب أفاضها) قلنا: إنما أردنا والدموع التي فاض بها عينه فحذفنا الجار ووصلنا. والوصل بعد حذف الجار باب معروف عند النحاة. قال ابن عقيل: إن الفعل اللازم يصل إلى مفعوله بحرف جر نحو مررت بزيد. وقد يحذف حرف الجر فيصل إلى مفعوله بنفسه نحو مررت زيداً (قلنا) وعلى هذا النحو جرينا في قولنا والدموع التي فاضها فلا غبار عليه بشهادة النحاة كلهم أجمعين.

وكذلك لم يصب في تصحيحه يسمعه للناس نعم أن (اسمع) يتعدى إلى مفعولين لكن قد تقحم اللام أو تزاد بين الفعل المتعدي ومفعوله فتسمى حينئذ (اللام المعترضة) كما نص عليها النحاة واللغويون ومثلوا له قولهم: ضربت لزيد قال الشاعر:

وملكت ما بين العراق ويثرب ... ملكاً أجار لمسلم ومعاهد

وقد آن أن يصيب المنتقد في كلمة، وهي كلمته الأخيرة لكنه قال: (والصواب أن يقال أن تنزل لكي تلينه عائد إلى الصراخ) قلنا: لا يحق له أن يقول: والصواب بل (والأفصح) لأنهم أجازوا أن يؤنثوا الاسم المذكر إذا رادفه اسم مؤنث وبالعكس. وقد المع إلى هذا

القول جميع النحاة ولما كان الصراخ هنا بمعنى الصيحة جاز أن يؤنث الفعل العائد إليه فيتحصل مما تقدم بسطه أن يتأنى المنتقد في كلامه وأن ينطق بما ينطق عن روية لا عن هوى فأن الهوى يعمي ويصم:

وإذا توعر بعض ما تسعى له ... فاركب من الأمر الذي هو اسهل

طعيريزات شيء وعريسات شيء آخر

وقفت على الجزء الثامن من (لغة العرب) فرأيت فيها نبذة من تحرير الفاضل إبراهيم حلمي أفندي في (طعيريزات) فراقني جداً. لولا أنه زعم تبعاً للأعرابي المصاحب له أن (عربسات) هي (طعيريزات) والحق أنها ليست إياها. فأن عريسات موقعها خلف الرحبة إلى الغرب بمقدار ثلاث ساعات كما اخبرني مدير مال السماوة الحالي علي أفندي البغدادي، قال: خرجت وأنا مدير مال النجف قبل سنوات مفتشاً في زكاة الأغنام إلى الرحبة وما والاها فرأيت عريسات بمكان بين الرحبة والقادسية والشقيق، وأدخلت خادماً لي في سربها فدخل قليلاً ثم عاد ولم يخبرني بشيء لما عرض له من الظلمة والوجل: قال: وفي الأخيضر

<<  <  ج: ص:  >  >>