للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورحمة بالأقوام ليستفيدوا منها، ويشاطروا البلاد الراقية في زراعتها، وتأخذهم الغيرة على منافسة الأمم المتمدنة في جليل الأمور وحقيرها، حتى يأمن مجتمعهم نوائب الدهر وصولاته، لا بل ليرفعوا منزلة وطنهم فوق السماكين، أجل! أن هذه البلاد التي توفر فيها كل شيء لفي حاجة شديدة إلى رجال غير يعملون لمصلحة اوطانهم، ويحسنون استعمال ما فيها من القوى المادية والأدبية، فيسعون إلى تقويم مرافق البلاد الاقتصادية، بيد أن ذلك لا يكون إلا بالالتفات إلى الزراعة التي هي مصدر الحضارة ومادة الشعب إذ من ينابيعها تدفقت الثروة على الأمم من قبلنا وتتدفق عليهم من بعدنا، ولهذا عنوا بها عناية كبيرة ولو جاراهم أهل بلادنا لما مضى ردح من الزمن إلا وأصبحت ديارنا في مقدم الأوطان رقياً وحضارة والذي نوجه إليه أنظار القراء ورجالنا هو العسل في بلاد الكرد وكيفية اشتياره أو جمعه هناك فأنه والحق يقال من أهم الأمور الزراعية وأخطرها، فلو أن من بيدهم الحل والعقد أرسلوا إلى تلك الربوع رجالاً درسوا في معاهد أوربا الزراعية الكبرى صناعة جنى الشهد ثم جاءوا إلى أصقاع الكرد فعلموهم كيفية اشتياره على الأصول الحديثة، والقواعد الفنية المتبعة عند الأمم الناهضة لحصلت الأمة في وقت قصير على فوائد جمة، ولكانت تلك المواطن في حالة هي أرقى منها اليوم من الوجهة الاقتصادية، ولا بأس إذا لمحنا بمقالنا هذا إلى ما يفعله الأكراد عند جنيهم العسل على الطريقة المتبعة عندهم منذ القديم، ليقيس أهل الفن والخبرة على ما يجري من هذا القبيل بين الأقوام الراقية، والأقوام الباقية على فطرتها في الصناعة.

٢ - أقسام العسل وقيمه

ينقسم العسل إلى قسمين من حيث جودته ولذته: (الشهدة) وهو الذي استخرج منه الشمع، أو الذي لا اثر له فيه، و (الخام، أو عسل بكورة) وهو الذي لم يستخرج منه الشمع، واحسن عسل في ديار الكرد (عسل تيارية) - وهي بلدة تبعد عن الموصل أربعة أيام - ويأتي بعده في الجودة واللذة واللطافة (عسل رواندوز) وبعد هذا (عسل الجزيرة) - جزيرة ابن عمرو - وأثمانه

<<  <  ج: ص:  >  >>