للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سموها (قناة) لكي تمد السكان بالماء الكافي للشرب وهي نفس القناة التي كان حفرها علاء الدين عطاء الملك الجويني وسماها (نهر الشاه) إلا أنه لم يجيء عذبا سائغاً لأن ماء الفرات كان يختلط بماء الآثار فيأخذ منه شيئاً من الملوحة ويصبح أجاجاً فيضر ولا ينفع.

وقد قال أحد سواح الفرنسيس في صدد ماء النجف وحفر قناةٍ له ما هذا تعريبه: إن أرض (مشهد علي) في غاية النشف واليبوسة حتى انه لا يمكن للإنسان أن يتصورها. ولا يرى هناك الرائي إلا مشاهد هائلة وأكواماً من الرمال تلهبها الشمس لهيباً في أيام القيظ. وكان يضطر سكان هذا الموطن سابقاً إلى أن يذهبوا إلى الفرات ليأخذوا منه الماء. لكن منذ مدة ١٥ سنة (أي في سنة ١٧٩٣م - ١٢٠٨هـ) ابتنى أخ ملك المغول قناةً كلفته مبالغ باهظة ومع كل ذلك لم يتمكن البناة من أن يجعلوها على ما كان في خاطرهم لكثرة ما ينتاب المدينة من زوابع الرمال التي تثيرها الرياح إثارة شديدة وتذريها بعد ذلك حتى إنها كانت تردمها ردماً لولا أن الموكلين بحفظها يعنون بتنظيفها كل سنةٍ.

ولهذا بقيت مسألة جر ماء النجف من الفرات من اعقد المسائل بل اعقد من ذنب الضب فلما رأى ذلك صاحب المكرمة علامة عصره أبو الطائفة الجواهرية الشيخ محمد حسن، انتدب المثرين وأهل اليسار من الفرس ليشقوا نهراً يروي الظمأى ويسقي الأرضين ويلطف حرارة الهواء ويفرش الأرض بساطاً من الخضرة فأمطر عليه أهل المال الأصفر الرنان تلبيةً لطلبه وشرع يشق النهر وكان العملة مئاتٍ بل ألوفاً وكان هو يقوم بينهم

وينشطهم في أتعابهم بأنواع الوسائل وهم يفرغون كل جهدهم في تحقيق أمانيه باتخاذ

<<  <  ج: ص:  >  >>