للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنقلها أو تحميلها وأجرة العمل والشغل وعدد العملة ووسعهم وطاقتهم في كل ما يعالجونه ويزاولونه.

ويحسن بنا هنا أن نطلق طائر البصر ونتركه يحوم حول بنية أرض هذه الديار ليوقفنا بسرعة القابس العجلان على جوهر مواد البناء تلك المواد التي تستخرج من الأرض لتقوم بحاجتنا المنشودة.

وأعلم قبل كل شيء أن الحجارة الكلسية لا ترى إلا في شمالي هذه الربوع أي في الأرجاء التي ينشأ فيها الفراتان أو الرافدان وتكون مقالع الحجارة الكلسية في سقي الفرات في هيت ومقالعها في سقي دجلة في سامراء.

ولما كان هذان المقلعان بعيدين عن أمهات المدن التي توجد فيه التجارة والبياعات غدا نقل هذه المواد من أشد الأمور كلفة ومصرفاً. وأنت تعلم أن الإنسان إذا أراد أن يبني بناية يتخذ لها من المواد أقربها إليه وأصلبها وأرخصها لديه ولهذا ترى أغلب أبنية هيت وسامراء من حجارة الجص وهذه الحجارة لا ترى في بغداد ولا في ما أحاط بها فعوضوا عنها باللبن أو بالطاباق أو الطابوق وهو الذي يسميه أهل مصر الطوب وأهل الشام الآجر وغيرهم القرميد.

ولقد أوغلت في البحث عن هذا الضرب من نتاج الصناعة الذي كان ولم يزل مستعملاً في هذه الديار إذ البابليون والكلدانيون أنفسهم لم يتخذوا في عماراتهم إلا الطاباق كما تشهد

عليه من آثارهم ما صبر على صروف الزمان وطوارئ الحدثان.

٢ - نظرة عامة في تربة العراق المتخذة للطاباق.

تربة العراق صلصالية جصية متخلخلة هشة سهلة الكراب لنسبة ما يدخل في تركيبها من الكلس وهذه النسبة هي من ١٢ إلى ١٥ بالمائة وهذه الحواري الصلصالية سهلة العجن والتمثيل والتصوير لكنها إذا شويت انقلبت قوية صلبة بعض الصلابة إلا أنها قليلة المقاومة لما يعاندها من الأحداث والطوارئ.

والطاباق المتخذ هنا هو ذو حبة رخوة سهلة النحت. وقد يكتفي به لعدم وجود ما يقوم مقامه أو يسد مسده أو ريثما يأتي من يعجنه عجناً مطابقاً لأصول الفن بعد أن يكون قد أدخل على كتلته ما يزيدها تماسكاً وتضاماً وصلابة وشدة.

ونحن نعلم علما عاما أن أحسن التراب لصنع الطاباق هو الصلصال الخالي

<<  <  ج: ص:  >  >>