ومنذ ذاك العهد إلى هذا العصر الأنور لم تتقدم خطوة واحدة. بخلاف المصريين فأنهم سبقوا العراقيين غايات بعيدة ولهذا فأني أستحسن طريقة سكان وادي النيل على طريقة قطان وادي السلام. ودونك الآن الأمرين الأهمين في هذه الصناعة:
١: نختار التربة اللازمة للآجر وإذا نقصها شيء من المواد الضرورية يضاف إليها الناقص كالرمل أو المادة العلكة الدسمة الموجودة في السماد حسبما تكون التربة دسمة أو ضعيفة متخلخلة.
٢: يعجن هذا الخليط إلى أن يتقوم منه معجون متماسكاً متلازاً يكون مطواعاً لليد العاجنة.
٣: يدخل هذا المعجون في قوالب لا قعر لها بل لها تختات (أي لوحات) يداس عليها المعجون دوساً باليد.
٤: بعد أن يستخرج الآجر من القالب (وهو المسمى باللبن في هذه الحالة) يشمس على تختاته مدة ٢٤ ساعة ثم يرفع ويوضع بعضه على بعض على شكل مشبك أي بجعل فسح متقاربة منتظمة ببن آجرة وآجرة بحيث يجري الهواء بينهما. ويعرف عند المصريين هذا لآجر المضغوط عليه باليد باسم (طوب الألواح) ويبقى على هذه الصورة من ١٠ إلى ١٢ يوماً قبل أن يوضع في النار.
٥: إذا أراد المصريون طبخ هذا الآجر تتخذ له عدة طرق وفي ضروب من الاتاتين أصفها في فصل تالٍ. وعليه تتوقف محاسن الآجر على محاسن الأمور التي ذكرناها. وأما في
بغداد فأنها مهملة لا شأن لها عند أصحاب هذه الصناعة ومن تلك المعايب ما يأتي:
١: إنهم يستعملون التربة التي يقعون عليها بدون أن يمتحنوها قبل الشروع باتخاذها.
٢: إن المعاجين لا تعجن بكفاية ولهذا ترى الكتلة غير متماسكة بعضها ببعض وحباتها غير متلززة مع أن هذا العمل الأخير هو مما يحرص عليه أصحاب الفن ويعلقون به محاسن الآجر وصبره على طوارئ الجو.
٣: من المألوف عند صناع الآجر في سقي الفراتين أنهم يضعون اللبن على أرض غير سوية فيجيء الآجر بهيئة الأرض التي كان عليها أي أنه يأتي معوجا.