للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفسادها، تابعان لصلاح الأسرة وفسادها، فعناية الإسلام بهذه الأبواب أكبر برهان على عنايته بإصلاح الأمّة وإسعادها.

ولو أن العالم النفسي من علماء العصر يدرُس التشريع الإسلامي في منابعه الأولى وبلغته الأصلية، ثم يقابل بينه وبين قواعد علم النفس لآمن بالله وبدينه الحق. إن الطبائع الفردية في البشر تختلف وتتباين، وعوارض الحب والبغض تتغيّر وتزول، فمن الخطإ في التشريع أن تُجعل أساسًا لحكم عام، أو قاعدة اجتماعية، فالخلطة الطائرة القصيرة، المصحوبة بنزوات الشباب، التي يجعلها الأوروبيون شرطًا في الزواج، ويزعمون أنها ضامنة لدوام العشرة وسعادة البيت، قلما تصدُق، لأنها لا تكشف عن الجواهر الأخلاقية الأصلية، مع ما يصحبها من الغش والتصنع، وكثيرًا ما نرى الزوجين منهم بعد نُصول الصبغ الكاذب، وانكشاف الحقائق الطبيعية، يرجعان إلى حالة من المعاكسة والخلاف هي العذاب بعينه، والإسلام لا يبني على هذه الاعتبارات الزائلة، وإنما يبني على اعتبارات عُليا، إن لم تُلائم هوى طاغيًا في الفرد فإنها تلائم مصلحة المجموع. وإن كل ما قلناه ونقوله في هذا الموضوع إنما هو حال الإسلام، لا حال المسلمين.

...

نعتقد أن المثقفين من أعضاء المجلس المسلمين كانوا يعتقدون في القضية خلاف ما يعتقده زملاؤهم، كانوا يعتقدون أن هذه المسألة دينية، يجب الرجوعُ فيها إلى أهل العلم بالدين، ولكن صوت الحق في هذا المجلس تعلوه أصوات الباطل والجهل، فلا تدع قائل الحق يقول، ولا تسمعه إذا قال، لأن المجلس كان مأخوذًا بسحر الوحي ورهبته، فلم يُفق من غشيته حتى نزل الوحي الثاني بالمجلس، وقيل له: قف ... فإن القضية ليست من خصائصك، وإنما هي من خصائص وزير العدل الإفرنسي في باريس.

ليت شعري ... هل كان هذا مجهولًا يوم وُضعت القضية في جدول الأعمال؟

لا نعني أعضاء المجلس بهذا السؤال، فقد قرأنا في الأمثال أن الحائط قال للوتد لمَ تشقني؛ فقال له: سل من يدقني ...

...

وإذا كان أعضاء المجلس الجزائري يعتقدون ويقولون: إن القضاء ليس من الدين، فقد قالها قبلهم حاكم مسؤول منذ سبع سنوات، وكان هدفه في كلامه إثبات عدم "دينية" القضاء

<<  <  ج: ص:  >  >>