للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقرير مرفوع إلى صاحب الدولة

رئيس وزراء الحكومة الباكستانية *

يا صاحب الدولة،

أرفع إليكم بيد الإخلاص، وبدافع النصيحة التي أوجبها الله علينا لعامّة المسلمين ولأولياء أمورهم خاصّة، فقابلوه بما يجب له من الاهتمام والتقدير.

إنّي أرى أنّ هذه الناحية التي يشرحها التقرير جديرة بالتقديم على غيرها من مصالح الدولة، لأنّها هي الناحية النفْسيّة التي تقوم عليها الأمّة، والنواحي النفْسيّة الروحية هي قوام الأمم والدول، وإنّي لأعْجَبُ ويعجب معي كلّ مفكّر مسلم يحبّ أن تُبْنَى هذه الدولة الإسلامية الناشئة على أساس صحيح- كيف لم يَكن لهذه الناحية اعتبار أوّلي من أوّل لحظة قامت فيها هذه الدولة.

لا نشكّ أنّه يومَ يوضع الدستور الباكستاني تكون أوّل مادّة فيه هذه الجملة بهذا النصّ: "دين الدولة الرسمي هو الإسلام"، وهذه المادة لا تكون حقيقة واقعة صادقة مؤثّرة إلّا إذا سبقتها تمهيدات، واتخذت لها وسائل عملية تضمن تحقيقها على الوجه الكامل الصحيح.

والحقيقة التي يجب عليّ أن أصارحكم بها هي أنّ الأمّة الباكستانية- وإنْ كانت مسلمة- تلتقي فيها المذاهب الإسلامية المختلفة المتعارضة، التي يحملها علماء لا يخلون من بعض التعصّب للآراء الاعتقادية، ولا يخلون من الجمود على الآراء المذهبية في جزئيات العبادات والأحكام، ويقابل هذا الجمود جهل مطبق بالدين في العامة، وتحلّل فاش في الجيل الجديد من الشبّان، وهذا شيء لَمسْنا حقيقته في هذه الرحلة، ودرسناه بالعقل الممحّص والبحث المدقّق، ووازناه بالمقارنات التاريخية في الماضي والحاضر، فإذا هو أخطر شيء على هذه الأمة وعلى هذه الدولة، ومن واجب الحكومات الحازمة الرشيدة


* تقرير أُرسل إلى رئيس حكومة باكستان السيد خواجة ناظم الدين، ماي ١٩٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>