للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا عدد يناهز مائتين وستين معلمًا وزّعتهم الجمعية على المدارس وعلى المعهد وكلهم جنود منقطعون للعلم، يأتمرون بأوامر الجمعية، وتسعة أعشارهم فارقوا أهليهم وتغرّبوا، ليقوموا بالواجب ويؤذوا الأمانة وينفعوا الأمة في أجدى الجهات عليها وهي أبناؤها الصغار، ويتحمّلوا التعب وضيق العيش. وقد كانت السكنى هي مشكلة السنين الماضية، فزادت عليها مشكلة غلاء المعاش، وإن الواحد منهم لينفق نفقة مضاعفة: ينفق على نفسه مثل أو أكثر مما ينفق على أسرته. وقد أصبحت المرتبات المقرّرة في الماضي لا تكفي لنصف الضروريات. فهل تقدّر الأمة أن المعلّم ملك لا يأكل ولا يشرب؟!

إن جمعية العلماء تعطف كل العطف على أبنائها المعلّمين، وتعترف لهم بأنهم مغبونون في الناحية المادية، وإنها لا يقرّ لها قرار إلا إذا أصبحت حقوق المعلّمين المادية مكافئة لما يقومون به من واجبات، إن المجلس الإداري للجمعية قد درس في اجتماعه الأخير هذه المسألة بكل اهتمام وعطف، وقرّر رفع الأجور بحسب الدرجات ابتداء من أول أكتوبر الجاري، وسينشر القرار في منشور خاص مع الدرجات واللوائح والبرنامج، وهي الأعمال التي أنجزتها لجنة خاصة كوّنها المجلس الإداري تحت إشرافه من قدماء المعلّمين وأصحاب الكفاءات وسمّاها "لجنة التعليم العليا" وأسند إليها كل ما يتعلّق بالتعليم توزيعًا للأعمال والمسؤوليات.

والجمعية تحرّض الجمعيات المحلية المتعهدة بمالية المدارس على أن تقوم بتنفيذ ما قرّرته الجمعية في تقدير مرتبات المعلّمين، وعلى أن تبتكر من الوسائل لجمع المال ما يقوم بذلك الواجب، وتحذّرها من الركون إلى عادة قديمة سيّئة، وهي: أن تراخي الجمعيات المحلية وتهاونها وتخاذلها وتقصيرها في العمل، كل ذلك يُحسب على الأمة تقصيرًا في الواجب، وعلى المعلّمين ضياعًا للحقوق؛ وأن هذه العادة هي أم النقائص المخلة بجهازنا التعليمي، وأن الجمعيات المحلية هي الوسيط بين جمعية العلماء ومعلّميها، وبين الأمة، فلتحرص هذه الجمعيات على أن تكون صلة متينة، وواسطة أمينة، ولتؤدِّ الأمانة على أتمّ وجه، ولتكن حازمة في الحق والخير معينة عليهما.

٢ - إلى تلامذة الزيتونة والقرويين! ...

أنتم- يا أبناءنا- نتاج هذه الحركة العلمية المباركة، وأنتم غلة سنة خضراء بين سنين يابسات، وأنتم الركاز الذي أظهرته هذه الرجة العنيفة التي أيقظت جمعية العلماء أمتكم على دويّها ... أفاق آباؤكم من تلك الهزّات، وصكّت آذانهم أصوات تنادي: إلى الإسلام ... إلى القرآن ... إلى سنّة محمد ... إلى لغة العرب ... إلى أمجاد السلف ... إلى تاريخ الإسلام ... إلى العلم ... فوجدوا كتائب الأمم المدلجة في طلب العلم قد حمدت السرى،

<<  <  ج: ص:  >  >>