صغير لكملت فيه ملكة النطق وظاهرت ملكة الفهم والكتابة، فكان منه عربي كامل، وقد انتقدت عليه تسمية هذه المدرسة بالكلية، لأنها لم ترقَ إلى هذه الدرجة، وإنما اسمها الصحيح معهد اللغة العربية، وأن التساهل في الأسماء كالتساهل في الأفعال كلاهما قبيح وكلاهما يحدث سوء القدوة، وما أحقّنا بالتزام الواقع واحترامه وتسمية الأشياء بأسمائها، وأن الاسم لكالثوب، إن قصر شان، وان طال شان.
____
[حفلة جمعية علماء باكستان]
____
وهي غير جمعية العلماء التي أقامت مؤتمر شباط الماضي في كراتشي، فهذه التي نتحدّث عليها أقدم في التأسيس، ولكنها لا عمل لها، ويوشك أن تكون الجديدة مثل القديمة، فليس لواحدة منهما برنامج إيجابي واقعي واضح الحدود، وليس في واحدة منهما عالم نشيط يتبع المقرّرات بالتنفيذ، ويجعل الجمعية حيّة تتحرّك دائمًا.
يرأس هذه الجمعية القديمة الشيخ عبد الحامد البدايوني القادري، ولها فرع أو أصل في لاهور اجتمعت برئيسه وهو خطيب في جامع وزير خان وله رسائل كثيرة بالأوردية، أهداني نسخًا منها، وهو يصف النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه (مالك الناس) وجمعيتهم نائمة لا تستيقظ إلا في الموالد أو في بعض المناسبات التي تصحبها ضجة عامة، وقد دعت الجمعية الجديدة إلى مؤتمر شباط الذي أشرنا إليه (ولم يقدر لي الحضور فيه) وكان مؤتمرًا قويًّا إلا في المناسبة التي جعلوها سببًا للدعوة إليه، وهي مضيّ سنتين على وفاة العالم البطل الشيخ شبير أحمد العثماني- رحمه الله- فإنها مناسبة ضعيفة كان الأولى أن تكون ثانوية تابعة لا سببًا، وأقوى ما في ذلك المؤتمر إسناد رئاسته إلى الشيخ سليمان الندوي، وهو عالم جليل يجمع بين العلم ووقار العلم، ولكنه شيخ مسنّ، يشرف ولا يصرف، وقد حرّك ذلك المؤتمر الجمعية القديمة فدعت هي أيضا إلى مؤتمر ينعقد في شهر ديسمبر الآتي. وسنتكلم على الجمعيتين في حديثنا عن الجمعيات، وعن المؤتمرين في كلمتنا عن المؤتمرات فليرتقبهما القرّاء.
استجبت الدعوة إلى هذه الحفلة في مركزها، وقرأ مقرئهم آيات من كلام الله، فكان أحسن أداء وأشجى نغمة من كل من سمعتهم في باكستان، وأنشد شاعر مسنّ قصيدة بالأوردية في الترحيب بي وفي تمجيد جمعية العلماء الجزائريين بأعمالها، ووزعوا على الحاضرين خطبة مطبوعة بالعربية في الترحيب بي، ثم تلاها الرئيس، وفيها أن جمعيتهم تحتفل بالموالد، وتحتجّ في مثل قضيتي فلسطين وتونس، وفي هذه الخطبة الدعوة إلى مؤتمر