للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى العيد *

العيد في معناه الديني كلمة شكر على تمام العبادة، لا يقولها المؤمن بلسانه، ولكنها تعتلج في سرائره رضًى واطمئنانًا، وتنبلج في علانيته فرحًا وابتهاجًا، وتسفر بين نفوس المؤمنين بالبشاشة والطلاقة والأنس. وتمسح ما بين الفقراء والأغنياء من جفوة.

والعيد في معناه الإنساني يوم تلتقي فيه قوّة الغني وضعف الفقير على (اشتراكية) من وحي السماء عنوانها (الزكاة) و (الإحسان) و (التوسعة). فيطرح الفقير همومه، ويسمو إلى أفق كانت تصوّره له أحلامه، ويتنزّل الغنيّ عن ألوهية كاذبة خضوعًا لألوهية الحق.

والعيد في معناه النفسي حدّ فاصل بين تقييد تخضع له النفس، وتسكن إليه الجوارح وبين انطلاق تنفتح له اللهوات، وتتنبّه له الشهوات.

والعيد في معناه الزمني قطعة من الزمن خُصّصت لنسيان الهموم، واطّراح الكُلَف، واستجمام القوى الجاهدة في الحياة.

والعيد في معناه الاجتماعي يوم الأطفال يفيض عليهم الفرح والمرح، ويوم الفقراء يلقاهم باليُسر والسعة، ويوم الأرحام يجمعُها على الصلة والبرّ، ويومُ المسلمين يجمعهم على التسامح والتزاور.

أما العيد عندنا فهو في ألسنتنا كلمة أفرغت من مدلولها، فهي مهملة. وفي عاداتنا هنَةٌ قُطعت من أصولها، فهي مبتذلة، وفي فهومنا آية نُسخ حكمها فهي معطّلة.


* نُشرت في العدد ١٦٢ من جريدة «البصائر»، ٢ جويلية سنة ١٩٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>