للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليت شعري ... لو يشعر هؤلاء المترفون من إخواننا الشرقيين الذين ينفقون مئات الملايين في ملاهي باريس، وعلى شياطين باريس وموبقات باريس ... لو يشعرون بأن في باريس التي يهرعون إليها في كل عام عشرات الآلاف من أطفال المسلمين يسبيهم الكفر في غير حرب، وأنهم مسؤولون عنهم يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه. أم أن الهوى أصمّهم وأعمى أبصارهم؟

[مواقف مشهودة لجمعية العلماء]

ولهذه الجمعية- بتوفيق الله- في كل حادثة غريبة موقف مشهور، ولها في كل ملمة تلمّ بالمسلمين في الشرق أو في الغرب موقف مشهود، ومن تتبّع مجاميع صحفها وقف على الكثير من ذلك، ولكننا نقتصر على المواقف ذوات الغرر والشيات.

موقفها من المبشّرين المسيحيين:

الجزائر مركز ممتاز لجمعيات التبشير المتعددة التي يصبّ عليها المال هباءً والتي تتخذ من المال أدوات للتنصير، والاستعمار الفرنسي مسيحي بالطبع، وإن غطَّى ذلك بألف ثوب، ولذلك نجده من وراء كل حركة تبشيرية يحميها وييسّر لها ويمهّد السبل للانتشار، ومن هذه السبل الشيطانية خلقه للمجاعات في وطن كله خير وفير، ليحمل العراة الجياع على الالتجاء إلى رسل الرحمة المبشّرين، وان الحاكم المدني العام في الجزائر، لرهن بإشارة من إشارات رئيس الكنيسة الكاثوليكية، بل ان هذا الرئيس المسيحي هو الحاكم في الحقيقة.

وجمعية العلماء عملية واقعية، فرأت أن تيّار التبشير المؤيّد بأسباب القوة لا يقاوم بالأقوال وأنه لا يقاوم إلا بتقوية المعاني الدينية في النفوس، ومنها القيام بحق الله في البائس الفقير والرحمة باليتيم، والبر بالمساكين، وشرحت للأمة المنافذ التي يتسلّل منها هؤلاء المبشّرون. وما كادت آثار تربية جمعية العلماء تظهر وتأخذ مأخذها من النفوس حتى أحسّ المبشّرون بالشرّ يطرق ساحتهم وحتى تنادوا مصبحين واستَعْدَوا الحكومة على جمعية العلماء، وكانوا أقوى الأسباب فيما نالها من عنت، وجَدَّتْ الجمعية في حرب التبشير بالعمل فلا تواتيها فرصة لفتح مدرسة عربية إسلامية، في مركز من مراكز سلطانهم، إلا بادرت إلى تشييدها تحت أسماعهم وأبصارهم، إغاظة لهم وسدًّا دون أمانيهم وإبطالًا لكيدهم وما أغنت قوّتهم ولا حماية الحكومة لهم شيئًا.

ونحمد الله على أننا خفّفنا من شرور هذه الفتنة، وعلى أن في الجسم الجزائري مناعة تدفع عنه غوائل هذا البلاء، والمبشّرون أنفسهم يشهدون أنهم لم تستنزل رقاهم إلا واحدًا أو اثنين في الآلاف من جرائمهم، وأن جمعية العلماء هي أقوى خصم لهم في هذا الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>