للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكرى عبد الحميد بن باديس الثامنة]

وموقع معهد منها*

ــ

أظلتنا الذكرى الثامنة لموت فقيد العروبة والإسلام ومحييهما بهذا القطر عبد الحميد بن باديس، ونحن في بحر لجي من الفتن المحيطة بالعروبة والإسلام، نغالب

تيارها، ونروّض بالعزيمة زخارها، ونقاوم بالإيمان والثبات إعصارها. وكأنها توافت على ميعاد لتمتحن وفاءنا للفقيد وتلهينا بأباطيلها عن القيام بحقه، وتحملنا بقسوتها على النسيان لفضله، فما وجدت إلا ما يشجيها بالغم، ويزجيها على الرغم.

وقد كانت إقامة هذه الذكرى في السنين الماضية لا تعدو إثارة الشجون الراكدة وتعديد فضائل الفقيد وتهويل المصيبة فيه. فإن زادت فبتجلية مواقع الأسوة للشباب المتعلم من سيرته، ومع اتساع آفاق تلك السيرة وانفساح مجال القول فيها فقد أصبح الحديث عنها من المكرّر المعاد.

أما ذكرى هذه السنة فإنها تمتاز بشيئين جديدين يحلو الحديث عنهما ولا يتطرق إلى سامعيه الملل، ويأتي المتحدث فيهما بالحكمة السائرة في هذا الباب وهي ذكر العظماء بأعمالهم، وحثّ الأمّة على تحقيق آمالهم.

هذان الشيئان هما: عودة "البصائر" إلى الظهور وتأسيس معهد ابن باديس بقسنطينة.

مات الفقيد في السادس عشر من أبريل سنة ١٩٤٠ وفي نفسه حسرة من تعطيل "البصائر". وكان معتزًّا بها أيما اعتزاز.

وكان في السنة الأخيرة لتعطيلها هو الروح المقوّم لها، فكان يغذيها بنفحات من روحه ونفثات من قلمه. وكان يعلّق آماله في ترقيتها على رفيقه كاتب هذه السطور، وكان الكاتب


* "البصائر"، العدد ٣٢، السنة الأولى من السلسلة الثانية، ١٩ أفريل ١٩٤٨م.

<<  <  ج: ص:  >  >>