للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[في مؤتمر العالم الإسلامي]

- ١ - *

كلمة في المؤتمر

ــ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أيها الإخوان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أيها الإخوان المؤتمرون على خير الإسلام، المجتمعون على عهده وميثاقه، الجامعون لأجزائه التي بدّدتها أحداث بنيه قبل أحداث الدهر، المؤتمنون على تراثه من العلم والحكمة، وعلى جواهره من العقل والفكر، المستجيبون لحضور هذا المؤتمر الذي ثوّب داعيه فأسمع، وسمع واعيه فأهطع، المتوافون كالقطا على مترع عذب ليس بالنزر ولا البكي، ولكن هجره ورّاده فما غار ولا أسن، وإنما ازداد صفاءً لأن منبعه السماء.

أحييكم عن جمعية العلماء الجزائريين التي لها في عنق العالم الإسلامي منّة تجل عن المكافآت، وهي صيانة الإسلام في دار يوشك أن يحيلها الاستعمار الفرنسي دار كفر، ولها في ذمة العالم العربي عارفة تجل عن الشكر، وهي إحياء البيان العربي في وطن رماه الاستعمار الفرنسي برطانات غريبة، غمرت لسان يعرب، وطمرت فصاحة يعرب، وغيّرت مجرى الضاد إلى غير واديه.

وأحييكم باسم الجزائر، ذلك القطر العربي المسلم الذي حافظ على العزيزين من ميراث السلف، ورضي في سبيل تلافيهما بالتلف، وصبر على سوم الشقاء وجهد البلاء دون أن يصيبهما حيف أو يلحقهما ضيم، وخُيّر بين الخطتين فاختار التي هي أقرب لرضى الله ورضى نبيّه، وهان في دُنياه ولكنه لم يهن في دينه، ولم يهن في عزيمته، وما زالت تنتابه الحادثات تباعًا فيخرج منها أصلب قناة ممّا كان، وأقوى إيمانًا بالله ممّا كان، وأثبت تمسّكًا بالإسلام ممّا كان.


* مسوّدة وُجدت في أوراق الإمام المرحوم من كلمة ألقاها بباكستان، ماي ١٩٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>