للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدعاية أم سعاية؟ أم هما معًا؟ *

قالوا: ان جريدة "المغرب العربي" كتبت في الوجه الفرنسي من أحد أعدادها الأخيرة، ما معناه: أن الإبراهيمي يتجوّل في عمالة قسنطينة ليجمع زكاة الحبوب لفلسطين، إلى آخر العبارة، فلم نستغرب من هذه الرواية إلا شيئًا واحدًا، وهو أن يوجد في أخبار "المغرب العربى" كلام ثلثاه صدق ...

فقد قالت: إن الإبراهيمي يتجوّل: وهذا حق، وقالت: انه يجمع زكاة الحبوب، وهذا صدق، وقالت: إن تلك الحبوب لفلسطين، وهذا كذب مقصود متعمد، بل ما سيق الكلام الذي قبله إلّا لأجله، وما اقترفت جريدة "المغرب العربي" جريمة الصدق في الجملتين الأوليين إلّا لأنهما وسيلة ومعبر إلى هذه الكذبة التي يسميها الناس كلهم كذبة، وتعتقدها تلك الجريدة من الحسنات الكبرى لأنها تجمع بين الدعاية والسعاية.

كنا نهينا بعض الطلبة عن منكر يعوق عن طلب العلم، ولا يتلاقى مع العلم في سبيل، وهو هجر الدروس لأجل القيام بالدعايات الانتخابية، فسمت الجريدة المذكورة هذا النهي سعاية منا بالطلبة. فما قول العقلاء اليوم فيما كتبته عن جمع الزكاة لفلسطين؟ خصوصًا حين كتبت ذلك في وجهها الفرنسي ليفهمه من وجه إليه مباشرة بلا واسطة ....

أما الصدق في القضية فهو أن الإبراهيمي تقدم إلى الفلاحين بالعمالة القسنطينية بأن يدفعوا نصف زكاة الحبوب للفقراء والمساكين، ويدفعوا النصف الآخر للمشاريع العلمية التي ببلادهم، ففهموا وامتثلوا، وضل سعي الكائدين.

وما قالت جريدة "المغرب العربي" ذلك الكلام إلّا بعد أن طاف "باعة المغرب العربي" الجهات التي زارها الإبراهيمي لينهوا الناس- بإلحاح- عن هذا المعروف الذي أمر به،


* "البصائر"، العدد ٤٧، السنة الثانية من السلسلة الثانية، ٣٠ أوت ١٩٤٨م، (بدون إمضاء).

<<  <  ج: ص:  >  >>