للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيد بأية حال عدت ...

عيد الأضحى *

ــ

يا عيد ... بأيّة حال عدت، وبأيّ نوال جُدت ... لهذه الأمم التي تتشوّف إلى هلالك، - وتتطلّع إلى إقبالك، وتنتظر منك ما ينتظره المدلج من تباشير الصبح؟!

بأية حال عدت إلى هذه الأمم التي تألَّبت عليها الأيام، واصطلحت مع الليالي، فلا تأتيها هذه إلا سوداء حالكة بالظلمات، ولا تمُرّ عليها تلك إلا قاتمة متدجّية بالظلم.

إن هذه الأمم التي تدين بتعظيمك، وتتيمّن بورودك، وتُقيم شعائر الله في يومك، تتلمّح فيك اليمن والرباح، وتجتلي في غرّتك اليسر والسماح، وتتنسّم في حلولك السعادة والهناء، وتتوسّم في هلالك الخير والبركة.

إن هذه الأمم كادت تسأم من أسماء الأيام، وتتبرم بالجُمع والسبوت والآحاد، لفرط ما تعاقبت عليها بالضر والشر؛ وهي تترقّب يومًا يُعرف بوسمه، لا باسمه، ويُتعرَّف بآثاره، كما يتعرف الربيع باخضراره، وأنت ذلك اليوم، وأنها كانت تستطيل الليل، وتقطعه في الترقُّب للنهار الذي يتبلّج صبحه بالضياء والإشراق، وتسطع شمسه بالنور والحرارة، ويفيض ضحاه بالحركة والنشاط، فأصبحت تستطيل النهار لإقباله عليها بالهمّ والغمّ، وإدباره عنها بالعنَت والرهق، وتطمئن إلى الليل بما فيه من ظلمات، فرارًا من النهار لما فيه من ظلم، ومن لها بليل لا صباح له؟!

...

فيك- أيها العيد- يستروح الأشقياء ريح السعادة، وفيك يتنفّس المختنقون في جو من السعة، وفيك يذوق المعدمون طيبات الرزق، ويتنعّم الواجدون بأطايبه، وفيك تُسلس


* نُشرت في العدد ١٢ من جريدة «البصائر»، ٢٧ أكتوبر سنة ١٩٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>