للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سجع الكهّان *

- ٣ -

أيها الأعارب، هل فيكم بقايا من حرب أو من محارب؟ (١) دبّت بينكم العقارب، وأنتم أقارب، فتكدَّرت المشارب، وتقوَّضت المضارب (٢). وكهُمت المضارب (٣)، وغاب

المسدِّد في الرأي والمقارب، ولم وتُغنِ النذر والمثلات والتجارب، إن لدُهاة المغارب يدًا خفيّة المسارب، قرأوكم سطورًا لا رجالًا، وعرفوكم بطاءً عن الجُلَّى لا عِجالًا، وحفظوكم شعرًا بلا رويّ، وفكرًا بلا رويَّة فأخذوكم ارتجالًا، وخالوكم على البعد أعمالًا، فوجدوكم على القرب أقوالًا، وحسبوكم عُمَدًا في التركيب الأمميّ فألفوكم مفاعيلَ وأحوالا، فأعربوكم إعراب الفَضَلات، وعاملوكم معاملة المهملات، وراضوكم على المهانة حتى ذل جانبكم، ووطِّئت مناكبكم. فأصبحوا لا يُبالون برضاكم لأنه لا ينفع، ولا يأبهون لسخطكم لأنه لا يضرّ. إن الغضبة لا تعقبها وثبة، هي غضبة الذليل العاجز، ولو افترَّت كلُّ بارقة منكم عن صاعقة، لما حمد شائموها القطر، إن غضبة العاجز لا تُبكي ولا تُنكي. تشتعل في الحنايا ولا تهدم الحنايا، تحرق صاحبها ولا تحرق الناس، وتلك هي غضبتكم حين تغضبون.

إن للغرب فيكم مطايا ذللًا، ولرائده منكم أدلَّة أذلة. هم أصل البلاء والعلّة، قادكم بسلوك من الأمراء والملوك، فقادوكم إلى الهاوية، فانزعوا المقادة من هؤلاء القادة تُفلحوا، ولن تُفلحوا ولن تصلحوا ما دام يلقاكم بوسيط واحد، فتلقَوْنه بسبعة سفراء، ويلقاكم برأي جميع، فتلقونه بسبعة آراء، ويلقاكم بكتيبة ملمومة، فتلقونه بشراذم شتّى ... ويتحداكم نذيرُه بإنجيل واحد، فتعارضونه بيوحنّا ولوقا ومتّى ...


* نشرت في العدد ٧١ من جريدة «البصائر»، ١٤ مارس سنة ١٩٤٩.
١) حرب ومحارب: قبيلتان من العرب.
٢) تقوّضت المضارب: المضارب الخيام.
٣) كهمت المضارب: كهمت كلت والمضرب ما يُضرب به من السيف والمضارب جمعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>