لن تفلحوا ولن تصلحوا إلا إذا رجع أمركم إلى الشعب، وأجمع الشعب على رأي واحد، واتفق الرأي على نظام واحد، وتمخّض النظام بدستور واحد، وملك واحد؛ فإن قلتم: إن هذا عسير، فعيشوا عيشة الأسير أو موتوا ميتة الحسير، شبر في الحياة وقبر في الممات.
جاءتكم النذُرُ تترى، والمعجزات شفعًا ووترًا، وقامت عليكم الحجّة من ثلاثين حجة، فتغافلتم أوّلًا، وتخاذلتم أخيرًا، وضاعت العروبة بين التغافل والتخاذل.
إن الفارق بين لفظَي العرب والغرب نقطة، وفيها كل السر، وفيها كل الشر.
وقف الغرب بالباب فلم تتحرّكوا، ثم أنشب الظفر والناب فلم تستدركوا، ثم دسّ أنفه في التراب فوجد رائحة الزيت، ثم طلب الوقوف بالأعتاب فوطّأتم له أكناف البيت.
إن الزيت إدام، ازدحمت عليه الأقدام، فحرمه الجبان وحازه المقدام، وكان حظكم منه حظ الطبّاخ الصائم: زَهَمًا في اليد ورائحة في الأنف، فيا أرض ابلعي زيتَك، وَأَحْيِ ميتك، وإلا خرّب (أبرهةُ) الغرب بيت الله وبيتك.
ألا إن الغرب جاهد في أن يلحق بلفظ السبع منكم حرفين فإذا هو (سبعون)، وأن يزيد في عدد السبع من ملوككم فإذا هو سبعون.
أيها العرب: ما أضيَعَ حكمة الأسلاف عندكم. لقد أبقوا لكم من وحي السماء وحكمة الحكماء، ما لا يُبليه التراب، ولا تُنسيه الأحقاب، وما لو عملتم به لسدتم الكون أئمة، وقُدْتُم الكائنات بالأزِمَّة، ولفللتم السيوف بالآراء، ودحضتم الآراء بالسيوف؛ ولكنكم أضعتم التراث بتشاكس الورّاث، وإذا كان الوارث غير همّام ولا حارث، غارت العين الفوّارة، وقحلت الأرض الغوّارة: