للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام في الجزائر *

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أيها المستمعون الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وضع الجزائر اليوم من حيث التخطيط الجغرافي والتحديد الإداري وضع جديد بدأ في العهد العثماني وتمّ في عهد الاحتلال الفرنسي، أما في القديم فكانت قطعة من المملكة العربية الإسلامية التي شادها الفاتحون في القرن الأول للهجرة وجعلوا عاصمتها القيروان. فالقيروان هي التي كانت تتحكم في تونس والجزائر ومراكش، وفي الأندلس بعد فتحها، بدليل أن العمال لهذه الأقطار كلها كانوا يستعملون من قبل والي القيروان لا من مركز الخلافة في الشرق، فلما ظهرت الدعوة الأموية في الأندلس على يد عبد الرحمان بن معاوية انفصلت الأندلس عن القيروان، ولما ظهرت الدعوة العلوية في مراكش على يد إدريس بن عبد الله انفصلت مراكش عن القيروان، وليس بين مراكش والجزائر حدود طبيعية تفصل إحداهما عن الأخرى، ولا بين الجزائر وتونس، فالدم واحد والعنصر (جاهلية وإسلامًا) واحد، والأطلس الأشم آية من الله شاهدة على هذه الأقطار بالوحدة، والإسلام الذي طوى هذه الأقطار في ملاءته زادها وحدة وارتباطًا.

والإسلام في الجزائر كالإسلام في غيرها من أوطانه، فإذا اختلفت على هذه الأوطان ألوان من الإدارة والحكم، أو تعاورتها أطوار من الفساد والصلاح، فالإسلام في جميعها واحد، يعلو اسمه بعلو المسلمين وينحط بانحطاطهم وتقوى آثاره بقوّة فهم المسلمين له وإقامتهم لشعائره ووقوفهم عند حدوده، وتضعف حين يبعدون عن هدايته. أما حقائقه العليا فهي قائمة بقيام القرآن، ثابتة بثبوته، موجودة بوجوده، وإنما قصرنا العنوان على الجزائر استجابة لمقترح خاص بعنوان معيّن، ويتضح المراد منه بزيادة كلمة "اليوم" والأمس فيصير العنوان الكامل: الإسلام في الجزائر ماضيه وحاضره.


* حديث أُلقي من إذاعة "صوت العرب"، القاهرة، ١٩٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>