للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من مشاكلنا الاجتماعية (١)]

الشبّان والزواج *

ــ

تعاني الإمة الجزائرية وجاراتها المتّحدة معها في الدين والجنس، المقاربة لها في العادات والمصطلحات، عدة مشاكل اجتماعية، لا يسع المصلحين إغفالها، ولا السكوت

عليها بعد ظهور آثارها، وتحقّق أضرارها، وستعالج «البصائر» طائفة من أمهاتها، ببيان نتائجها، وبيان وجه الرأي في علاجها، سائلة من حملة الأقلام وحملة الألسنة وذوي الرأي أن يظاهروها في هذا العلاج، ومن الأمة أن تقوم بواجبها من السمع والطاعة والتنفيذ، فإن من بعض هذه المشاكل ما لو تمادى وامتدّ لأتى بنيان الأمة من القواعد، وقضى عليها بالمسخ أولًا، والتلاشي أخيرًا.

أعضل هذه المشاكل، وأعمقها أثرًا في حياة الأمة، وأبعدها تأثيرًا في تكوينها مشكلة الزواج بالنسبة إلى الشبّان، فالواقع المشهود أنّ الكثير من شبابنا- وهم أملنا وورثة خصائصنا- يعرضون عن الزواج إلى أن يبلغ الواحد منهم سن الثلاثين فما فوق، ويترتب على ذلك أنّ الكثيرات من شوابنا يتعطلن عن الزواج إلى تلك السن، فيضيع على الجنسين ربيع الحياة ونسماته وأزهاره وبهجته وقوّته، ويضيع على الأمة نبات ذلك الربيع، وثمر الخصب والنماء والزكاء فيه، ثم تضيع بسبب ذلك أخلاق وأعراض وأموال، وإذا زادت هذه الفاشية فشوًّا، واستحكم هذا التقليد الفاسد، فإن الأمة تتلاشى في عشرات من السنين.

إن أمّتنا ليست منسجمة العوائد في أمورها الحيوية، وليست مطبوعة على قالب واحد في تكوينها الاجتماعي؛ ولذلك نجد البُداة المتّصلين بالفطرة لا يحسّون بهذه المشكلة بل تؤدّي بهم البساطة إلى الخروج عن حد الاعتدال تفريطًا، فيزوّجون أولادهم قبل سنّ البلوغ، وهو تفريط شائن مَعيب، وخيرُ الأمور الوسط.


* نشرت في العدد ٦ من جريدة «البصائر»، ١٢ سبتمبر سنة ١٩٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>