للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة "البصائر" الجديدة *

تستقبل "البصائر" بهذا العدد عامًا جديدًا من عمرها المديد بالأعمال لا بالأقوال، العامر بالحقائق لا بالخيالات، وبالجد لا بالهزل، وبالبناء لا بالهدم، سائلة من

الله تعالى- في اخبات المؤمن، وخشوع القانت- توفيقًا ينير السبيل، وإعانة تسهل العسير، وتأييدًا يشد الأزر، ومددًا روحانيًّا يقوى العزائم ويغذي اليقين، ويثبت الأقدام.

تستقبل "البصائر" هذه المرحلة الجديدة من مراحل جهادها، وهي على أشد ما كانت عليه من الإيمان واليقين والاستبصار والحزم والثبات والصبر، وهي الخلال التي اتسمت بها من يوم نشأت، ولم تزدها ممارسة الأيام والحوادث إلّا شدة فيها، واستمساكًا بها، فكانت عدتها في الشدائد، وسلاحها في مواطن البأس واليأس، حين تهفو الأحلام وتطيش الآراء، وتزيغ البصائر، ولا تظن نفس بنفس خيرًا.

...

قطعت البصائر عامها الأول من عهدها الجديد في مقارعة الاستعمار، في الميدان الديني والعلمي كثيرًا، وفي الميدان السياسي قليلًا. كشفت نياته وألاعيبه في قضايا فصل الدين الإسلامي عن الحكومة، وحرية التعليم العربي والحج، وفضحت مكايده في وضع الدستور الجزائري ومهازل الانتخاب، ولم تعف أعوانه في الميدانين، المتسترين منهم والمجاهرين، ثم شاركت بجهد المقل في قضية فلسطين بتلك المقالات التي أمدها اللسان العربي بقبس من بيانه، وأمدها البلاغ الإسلامي بقوّة من برهانه، وأمدها التاريخ الصادق بفواصل من فرقانه، ثم طافت في فترات العام المتقطعة بموانع الاهتمام من شؤون الجزائر، فوضعت في


* "البصائر"، العدد ٤٦، السنة الثانية من السلسلة الثانية، ٢٣ أوت ١٩٤٨م.

<<  <  ج: ص:  >  >>