للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيد محمد خطّاب الفرقاني*

هذا الرجل من أبناء الجزائر الذين رفعوا رأس الجزائر، ومن أبناء هذا الشمال الذين أوسعوه برًا وتكرمة وجعلوا من مالهم ومواهبهم وسائل لغرس الأخوة بين أبنائه، ولم يعيشوا لأنفسهم بل عاشوا لإخوانهم وأوطانهم وما أقل هذا الصنف من الرجال فينا ويا للأسف!

ولد السيد محمد خطاب في جبال (الميلية) الشماء، ونشأ بين صخورها الصماء، وفتح عينيه على آثار من الشمم والهِمم والعزة والكرم، وعلى عصامية في الحياة امتاز بها أبناء الجبال، فكان لذلك كله في حياته وتكوينه أثر غير قليل، وفتح عينيه- كذلك- على آثار الاستعمار في أرض أجداده وفي نفوس قومه، فكان لذلك في عقله وفكره أثر غير قليل، ثم هاجر إلى المغرب سنة أربع وعشرين ميلادية بعد هجرة أخيه الأديب الكاتب الأستاذ رابح الفرقاني المترجم الحر بفاس، واتخذ الأخوان من المغرب وطنًا لهما وكونا بكرم أخلاقهما ولطف شمائلهما مكانة ممتازة بين أهله.

والسيد محمد خطاب عصامي النفس عربي النزعة لا يسير في الحياة إلّا على وحي الفطرة وهداية الاستعداد ومسايرة القومية، لذلك اختار الفلاحة حرفة فنجح فيها وبارك الله في أعماله، فتأثل منها ثروة عريضة رأى من شكر الله عليها أن يفىء بجزء منها على المشاريع العلمية النافعة لوطنه الكبير، وللسيد محمد خطاب في مبراته العلمية ومكارمه رأي هو فيه نسيج وحده، فهو يرى تمام المكرمة وكمالها أن تكون على يد جمعية العلماء، وله في جمعية العلماء اعتقاد مصمم وله بها صلة وثيقة الأسباب تمتد أوائلها إلى أوائل الحركة التعليمية بقسنطينة، وله ولأخيه الأديب علائق متينة مرعية بإمام النهضة المرحوم عبد الحميد


"البصائر"، العدد ٤، السنة الأولى من السلسلة الثانية، ٢٩ أوت ١٩٤٧م. (بدون امضاء).

<<  <  ج: ص:  >  >>