ابن باديس، وكان لهما في حياته اشتراك مالي سنوي مقرر في كل مشاريع جمعية العلماء من جرائدها إلى صندوق الطلبة إلى مدرسة التربية والتعليم.
وفي السنة الماضية قرر السيد محمد خطاب مبرتين ماليتين يدفعهما مسانهة على يد جمعية العلماء: أولاهما تصرف في ترقية التعليم بمدارس الجمعية وقدرها نصف مليون فرنك، وقد أدخلت الجمعية هذا المبلغ في العام الماضي في شراء المركز بإذن من صاحب المبرة، والثانية تصرفها الجمعية باجتهادها في مصلحة الطلبة الجزائريين بجامع الزيتونة وقدرها ماثة ألف فرنك، وقد اكترت بها جمعية العلماء في العام الماضي مركزًا لجمعية الطلبة. وللسيد محمد خطاب مبرة ثالثة خاصة بمسقط رأسه (الميلية) وهي مدرسة خطاب إحدى المدارس التي تديرها جمعية العلماء، بناها بماله منذ سنوات ورأى الآن أنها لا تكفي أبناء القرية، ففوض إلى جمعية العلماء أن تتولى توسيعها أو تجديدها من ماله الخاص بالغة ما بلغت النفقات.
زار السيد محمد خطاب الجزائر في أوائل رمضان الماضي لتفقد إخوانه وأصدقائه ومشاريعه المالية الكثيرة لأنه في السنوات الأخيرة جاوز أفق الفلاحة إلى الصناعة والتجارة، فشارك في عدة شركات وطنية بماله وبإرشاده ورأيه، وزار مركز جمعية العلماء وإدارة "البصائر" وذاكرَ رئيس الجمعية في عدة مشاريع علمية وفي حال الطلبة الجزائريين الذين يطلبون العلم بالقرويين وما يجب لهم من عناية ورعاية، ووصل على يده جماعة من فقراء أهل العلم بإعانات وصدقات مستورة، وتبرع على جريدة "البصائر" بمبلغ خمسين ألف فرنك.
إننا كما نعدّ أخانا السيد محمد خطاب عصاميًّا مجددًا في أعماله آخذًا بالنظام الدقيق في مشاريعه، محافظًا في إيمانه ووطنيته، نعده أيضًا حجة قائمة على أمثاله من أبناء الوطن الذين تأثلوا الثروات فيه أو في خارجه، فلم ينفعوا وطنهم بشيء يرفع الذكر ويجلب الفخر ويعظم الأجر، ولو أنهم كانوا مثل هذا الرجل أو قريبًا منه لم يبق في الوطن ولد بلا تعليم ولا فقير بلا قوت، ولا مريض بلا دواء، فإذا قلنا لهذا الرجل: كثر الله من أمثالك، فلسنا ندعو له وإنما ندعو للوطن.
إن جريدة "البصائر" لا تمدح أحدًا إلّا حيث يكون المدح دعاية إلى حسن التأسي والاقتداء ولا تثني إلا على عمل يتصل بمبدئها الديني التعليمي أو يؤيده، ولا تطري إلّا المناقب المذكرة بأمجاد الأوائل، المحيية لمكارمهم وآثارهم في سبيل العلم والخير العام، وأخونا السيد محمد خطاب يجمع ذلك كله.