للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل الدين عن الحكومة (١٦)]

... نظرتنا إليها *

ــ

نعود إلى قضية الفصل، كما يعود التلميذ إلى الفصل ... معتقدًا أنه خلق له، وأن سعادته مرتبطة به، فهو- لتلك العقيدة- لا يسأم من الرّواح والغدوة، وهو- من تلك العقيدة- يستمد القوّة والنشاط، وكذلك نحن، نطوِّف ما نطوّف، ثم نرجعُ إلى هذه القضية، ولا يقعدنا عنها سكوت الساكتين ولا تخذيل المخذّلين، ولا جهل الجاهلين بقيمتها وبالآثار السيئة التي غرستها في الأمة، منذ كانت، وبالآثار الحسنة التي تكون لها يوم تستقر في نصاب الحق، ونحن قوم خلقنا لهذا، وأخذ علينا عهد الله أن نقف فيه المواقف الصادقة، وأن لا نزال به حتى نثبت حقه الأصيل، وننفي باطله الدخيل، وأن لا تغلب ضعفنا فيه قوّة الشيطان، لأننا أقوياء بالحق، أشدّاء بالإيمان، أعزّة بالله، وإننا إذا لم نوفِّ بعهد الله بؤنا بتبعة التقصير، ومهدنا للباطل سبيل التمكن والاستمرار، وما زلنا- منذ هدانا الله لهذا- نتلمح من عناية الله بهذا الدين، وتكفّله بحفظه، نجمًا يسايرنا في ظلمات الظلم، ونتنور منها نورًا يهدينا السبيل، ويكشف لنا عن نيات السوء المبيتة، ويعرفنا بشياطين الشر الراصدة، ويُنير لنا جوانب العمل، حتى كأننا منه دائمًا في نهار ضاح، وما زال لله جندٌ ميسر لنصر دينه، تجهزه العناية الإلهية لحين الحاجة إليه، فكلما بسط العادون أيديهم إليه بالسوء وظنوا أنها الفاقرة- قام بنصره منهم معشر خشن ... ومن آية الله في هذا الجند أنه لا يتراءى إلّا حين تزيغ الأبصار، وتبلغ القلوب الحناجر، ولا تظن نفس بنفس خيرًا، ومن آيته أنه هو الذي يستولي على الأمد، ولظفر بالعاقبة.

...

عاهدنا الله أن نطهر دينه، من الداخل ومن الخارج، وأن ننصره على أنفسنا حتى يكون له عليها سلطان، قبل أن ننصره على الأجنبي حتى لا يكون له عليه سلطان ... لذاك حملنا


* نشرت في العدد ١٥٤ من جريدة «البصائر»، ٧ ماي سنة ١٩٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>