للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحهم ... أهي حيلة حربية؟ .. *

نشرت جريدة "الجزائر الجمهورية" اليومية الصادرة في ٢٢ من الشهر الماضي تفاصيل جزء صغير من مؤامرة سرية واسعة، كشف الغطاء عنها النائب البرلماني الشريف

جماد، في المجلس الوطني الفرنسي في جلسة ١١ فيفري الماضي، وأعلنها كحقائق واقعية مضبوطة، بالأسماء الصريحة، والأماكن المعينة والإحصائيات المدقّقة، لاستعدادات هائلة بالأسلحة والذخائر الحربية، والأجهزة المتنوّعة، والوقود والسيارات، ورجال الاختصاص، حتى ليخيّل إلى قارئها أنها حملة حربية كاملة ... ولو لم يصرخ بها نائب برلماني مسؤول، يعرف ما يقول، على منبر مجلس الأمة، لقلنا إنها من نسج الخيال.

وقرأنا تلك التفاصيل، على حالة بين الدهشة والاستغراب، وبين التصديق والتكذيب، حتى انتهينا؛ فإذا هي استعدادات تبعث الرعب والفزع في النفوس، وإذا هي تسليح جديد لطائفة كانت مسلّحة- قبل- بالحكم والمال، فكأنها إمداد لليث بناب فوق نابيْه، وتقويةٌ للقوس بقاب مع قابيْه، وإذا تلك الحملة كلها شر من شرور مخبوءة لهذه الأمة المسكينة العزلاء الجائعة العارية الحافية المجرّدة- عن عمد وإصرار- من كل أسباب القوّة، وإذا هي في شريعة هؤلاء الطغاة وفي نفسيتهم الخبيثة جزاء- مستحق- لهذه الأمة على ما بذلته من تضحيات مكفورة في سبيل فرنسا! ... وإن كشفها في قرية "فج مزالة" لا يعني أنها محصورة فيها، ومقصورة عليها، وإنما هو كشف لفرع من فروعها، واكتشاف لوكر من أوكارها؛ ومحال أن يكون هذا التدبير الشيطاني المحكم خاصًّا بفج مزالة، ولا خصوصية فيها تقتضي هذا.

وتفلسفنا قليلًا- على حسب بساطتنا- لنرجّح اليقين على الشك، فقلنا: إن كشف هذه المؤامرة ونشرها يساوي كشف سر من أسرار الحرب شناعة ونكرًا، فإفشاؤها في


* نشرت في العدد ١٤٦ من جريدة «البصائر»، ١٢ مارس سنة ١٩٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>