للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لجنة "فرانس - إسلام" *

- ٢ -

(كلامنا موجّه إلى فرنسا الاستعمارية، وإلى آلات الاستعمار من عقول وأفكار، ورجال، وهيئات، فلا تتجاوز الظنون بنا هذه الدائرة).

ــ

... وهذا القلم ليس شعودي السن، ولا عنصري النزعة؛ ووالله ما ليق- منذ جرى- بهوى، ولا مُد بباطل، ولا غمس شقاه في منكر، ولا تحلبت ريقته من حمأة التفريق، ولكأنما صيغ هو ولسان صاحبه من جوهر واحد، فهما يتجاريان إلى غاية في حرب شعوبية المذاهب والطرق في الإسلام، وشعوبية الدماء والألسن في الأجناس، وشعوبية الشرق والغرب في أرض الله.

ولكن يسوء هذا القلم أن تتنزّى العروق الخفية حينًا بعد حين بالظلم، ملفوفًا بالعلم، وبالمغالطات في صورة النصائح، وأن يستخفّنا هؤلاء القوم فنطيعهم؛ وأن يستميلونا بالأقوال الفارغة فنميل إليهم، وأن يلهونا بالخيالات عن الحقائق فنلهو، وأن يستغفلونا عن ديارنا فيصبحوا سادة فيها، ونصبح عبيدًا؛ ثم هم يستغفلوننا عن ديننا ولغتنا ليصبحوا أئمة فيها، ونصبح مقلّدين، وأن يغزونا الاستعمار الأوربي بالحديد حتى إذا فُلّ غزانا بالرأي والكتاب والعلم والعالم، وأن تتعاصى عليه أقفال عقولنا فيجد مفتاحها عند المستشرق.

يسوءنا- والله- أن يكون العلم مفتاحًا للشر، وأن يتستر غلاة الشعويية بالألفاظ المموّهة بالإنسانية والديمقراطية، ثم يرْموا أعداء الشعوبية- مثلنا- بالشعوبية.

إن أولى الناس بالتجرّد من الشعوبية هؤلاء المستشرقون، لأنهم يتحلّون باشتراكية علمية تُنافي الشعوبية، وينفردون عن علماء أممهم باتّساع في أفق المعرفة، وباطّلاع مباشر على


* نشرت في العدد ١١٥ من جريدة «البصائر»، ١٥ أفريل سنة ١٩٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>