للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجوع إلى هدي القرآن والسنّة *

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أيها المستمعون الكرام في مشارق الأرض ومغاربها:

اجتمع المسلمون في أول أمرهم على هداية إلهية عامة، وهي هداية الدين التي جاء بها القرآن، وشرحها محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، ودعا إليها المستعدين وحضّ عليها المستجيبين، ونفّذها في أمة الإجابة.

وكانت تلك الدعوة جامعة بطبيعتها لموافقتها للفطرة، وجمعها بين مطالب الجسم والروح، وانطوائها على حفظ المصالح، وضبطها لنزوات النفوس.

تجتمع تلك الهداية على عقائد صحيحة، وتحفظ علائق العبد بربّه وتحددها، وأخلاق متينة تحفظ العلائق بين العباد وتجددها، وتزن المصالح بالميزان القسط، وتقرر للفضيلة وزنها وقيمتها، وللرذيلة وزنها وقيمتها، وتجعل بينهما حدًّا كأنه منطقة حياد، فيه للمؤمن خيار وله فيه روية وأحكام عادلة، تحفظ حقوق العباد وتفصل في مواطن مظانّ الشقاق. وتجمع أطراف الأمة من غني وفقير على العدل والإحسان.

وكان مرجعهم للقرآن وهو محفوظ مفهوم يتلونه آناء الليل وأطراف النهار.

ثم فرطوا في سنن الله في دينه، فغفلوا بسبب ذلك عن سنّته في كونه وفي خلقه، فانحدروا من تلك الدرجة التي رفعهم إليها الإسلام، إلى هذه الدركة التي هم فيها الآن، وتماروا بالنذر فسلّط الله عليهم من لا يخافه ولا يرحمهم.

إننا نعد من معجزات محمد الخالدة، تلك النذر التي كان ينذر بها أصحابه، ليبلغها الشاهد منهم إلى الغائب، وقد بلغتنا وفيها أوصافنا التي نحن عليها الآن في


* من حديث في إذاعة باكستان، أفريل ١٩٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>