للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ أبو القاسم بن حلوش *

بلغني في أثناء الأسبوع الماضي- وأنا على فراش المرض- خبر بموت العالم العامل المصلح الشيخ أبي القاسم بن حلوش، العضو الإداري السابق بجمعية العلماء

ووالد ولدنا الروحي الأديب الكاتب الشيخ مصطفى بن حلوش، بداره من ربض "تاجديت" بمستغانم.

أسفت لموت الشيخ أبي القاسم أعظم مما آسف لفقد قريب، لأن هذه الطائفة الإصلاحية التي كان الشيخ أبو القاسم أحد أفرادها إنما تتقارب على المشارب، لا على المناسب، وتتصاحب بالأرواح لا بالأبدان.

والشيخ أبو القاسم- رحمه الله- مصلح بطبعه وتربيته، خلق في منبع من منابع البدع، وفتح عينيه عليها. فأنكرتها فطرته السليمة، وتربيته القويمة من أول أمره، ونشأ على نفور منها وازدراء لأهلها. ولقي منهم تجريحًا وأذًى، ولقوا منه تسفيهًا وإنكارًا، وكان كل ذلك مزيدًا في رفعة شأنه.

طلب العلم على فئة من الفقهاء المدارين المجارين للعامة في أهوائها، فأخذ ما صلح من علمهم، وهجر ما قبح من أعمالهم، ووحّد الله وعبده بما شرع على الوجه الذي شرع، وابتنى لنفسه مسجدًا من ماله بسوق "تاجديت" يصلّي فيه بأتباعه في السيرة، ويُلقي عليهم دروسًا في الوعظ والإرشاد، وفيه بدأ بنشر الإصلاح العملي فنبذ البدع اللاصقة بالعبادات. ولم يزل متطلعًا إلى العلم الصحيح يطلع بدره، متشوّفًا إلى الحق الصريح بتبلج فجره، إلى أن ظهرت بواكير الحركة الإصلاحية العلمية في دروس الأستاذ الرَّئِيسُ الشيخ عبد الحميد ابن باديس، فجهّز ولده الشيخ مصطفى حلوش لتلك الدروس ليستدرك بأحد أولاده ما فاته


* "البصائر"، العدد ٦٣، السنة الثانية من السلسلة الثانية، ٣١ جانفي ١٩٤٩م.

<<  <  ج: ص:  >  >>