للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يغذيها الاستعمار أو يشجعها، هي التي يجب أن تسود كل بيئة جزائرية.

[- ٨ -]

ما أكثر ما ترددت في سياقة هذا الحديث، وما أكثر ما قاد التردد إلى إغفال جوانب منه لم يحن بعد أوان الحديث عنها. لقد قصدت إلى أن يكون حديثًا مجردًا من غير ذكر للأحداث ولا تسجيل للمواقف .. وأحسبني لا أخالف ذلك إذا أنا أشرت إشارة خاطفة إلى الجانب الذاتي الإنساني من حياة الشيخ رحمه الله .. فقد كان أحلى ما عنده وأيسره أن يجاوز ذاته في سبيل رغبات إخوانه وكان يؤثر أصدقاءه وتلامذته بما يختارون، لا وفاء لهم فحسب بل ولاء كذلك للفكرة التي كانت تجمعه بهم .. ما أغضى عن يد امتدت إليه، ولا أشاح بوجه عن طالب عرف ولا ضن بجاه أو جهد على مستجير، ولا برأي على مستشير ولا بعون لصاحب حاجة .. كان إذا أعوزه الأمر استدان ليفك ضائقة إخوانه، وكان يتابع حاجات الناس ومشاكلهم حتى تقضى أو تحل من غير غفلة ولا نسيان.

[- ٩ -]

لقد آثرت أن أتجاوز عن كثير من النقاط حرصًا على موضوعية هذه الكلمة أو مغالاة في هذا الحرص. إن ذلك يجرد الكلمة من جوها العاطفي الذي كان يجب أن يخالطها وأن يغلّفها، ويحجب كثيرًا من الجوانب التي كان عليها جلاؤها من حياة الشيخ ويسكت عن جوانب أخرى، ويوجز غيرها .. إن هذه الكلمة ليست إلا وقفة قصيرة ومجردة .. لم أنظر فيها بعين الابن، ولا بعين الرفيق في بعض مراحل العمر، ولا بالعين التي ينظر بها الطالب والمريد إلى الأستاذ والرائد .. وإنما نظرت بعين هذا الجيل إلى واحد ممن كانوا في مقام القيادة منه: القيادة الروحية والقيادة الفكرية على السواء.

[- ١٠ -]

وبعد، فمن الخير أن أفسح لقصيدة الشاعر الكبير الأستاذ محمد العيد حفظه الله. وأتوجه إلى الله العلي القدير أن يوفقنا ويسدد خطانا على الطريق المستقيم، إنه سميع مجيب.

الجزائر في ٢١ ماي ١٩٧٠

أحمد طالب الإبراهيمي

وزير التربية الوطنية

<<  <  ج: ص:  >  >>