للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في نادي القلم ببغداد *

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أيها الإخوة الكرام:

نادي القلم! اسم شعري لطيف، عليه من السماء صفاؤه، ومن الربيع أنداءه، وفيه من آثار الله وصقله، ومن مساوقة الفطرة وبساطة التركيب، وفيه من الغمام ما يحكي ودقه، وفيه من الواقع ما يحقق صدقه.

أسماء النوادي والجمعيات كأسماء الأناسي، فيها الصادق والكاذب، ولكن الفارق الجوهري بينهما أن أسماء الأناسي توضع من غير اختيار أصحابها ولا مشورتهم، ومن غير ترقّب لتحقق معنى الاسم في المسمّى، وتوضع في غمرة من الفرح بالكائنات الجديدة، فيدخل فيها- أوّل ما يدخل- عنصر التفاؤل المبني على الأماني، أو عنصر التوقي من العين أو من الموت، وهذا يرجع إلى المزاعم التي لم تفارق الإنسان بدويًا وحضريًا، ولم يفارقها وثنيًا ومتألهًا.

أما أسماء النوادي والجمعيات والأحزاب فإنها توضع بعد تحديد معانيها وتبيين مقاصدها، فكان الواجب أن تكون صادقة دائمًا وأن لا يدخلها الزيف، ولكن الناس يحبّون الاغراب والانحراف، لذلك نراهم يغربون في الأسماء، فيغرقون في الإيهام والتغرير، وإن أحبّ الأسماء في هذا الموضوع ما كان طبيعيًا وما كان منتزعًا من الموضوع كاسم نادي القلم، فإنه اسم مفصّل على موضوعه، ومن ثم فهو أصدق شيء في الدلالة على موضوعه، لا يشبهه في أسماء الأناسي إلّا اسم "عبد الله"، فإن هذا الاسم لا يغرّ ولا يكذب، فالإنسان، آمن أو كفر، وبَرَّ أو فَجَر، فهو عبد الله. بخلاف أسماء الفأل التي لا يحتاط فيها للعواقب كصلاح الدين لمن أفسد


* نشرت جريدة "التحرير" البغدادية (جوان ١٩٥٣) ملخّصًا من هذه الكلمة، نقلته جريدة «البصائر»، العدد ٢٣٦، السنة السادسة، ١٠ جويلية ١٩٥٣، ثم وجدنا في أوراق الإمام مسودّة منها، ننشرها اليوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>