للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين، وبرهان الدين لِمَن هو برهان لأعداء الدين على الدين، ولا يشبهه في أسماء الكتب إلا اسم "إصلاح المنطق" و "لسان العرب" و "كتاب النبات".

أيها الإخوان:

لي من الصلات الطبيعية بنادي القلم أنني أحد هذه العصبة التي تتّخذ من القلم أداة جهاد في زمن لغة بنيه أبعد ما تكون عن القلم، والحَكَم فيهم السيفُ لا القلمُ، فكأنهم من تلامذة المتنبّي حين يقول:

حَتَّى رَجَعْتُ وَأقْلَامِي قَوَائِلُ لِي ... ائمَجْدُ لِلسَّيْفِ لَيْسَ ائمَجْدُ لِئقَلَمِ

أُكْتُبْ بِنَا أَبَداً بَعْدَ ائكِتَابِ بِهِ ... فَإِنَّمَا نَحْنُ لِئأَسْيَافِ كَائخَدَمِ

ولي من الصلات المتينة بهذا النادي أن الرجال الذين هم عمده ودعائمه من أصدقائي الذين أعتزّ بصداقتهم، وأعدّ لقاءهم والتعرّف إليهم فصلًا حافلًا بالفخر من تاريخ حياتي، كالأستاذ الجليل شاعر العروبة محمد رضا الشبيبي، والأستاذ الأديب محمد بهجة الأثري، والأستاذ الدكتور محمد فاضل الجمالي، والدكتور أحمد سوسة، والدكتور جواد علي، وجمهرة أعضاء نادي القلم.

أيها الإخوان:

القلم بين أهله رحم يجب أن تبل ببلالها، وغير كثير على ذويها أن يتعارفوا وأن يتنازعوا أمرهم بينهم فيمحوا القطيعة بالوصال، وعلى ذلك فغير بعيد منّي أن أقول كلمة في نادي القلم، وأن أتحدث إلى أبناء أسرةٍ أنا واحد منهم فيما يجب لهذه الرحم من حقوق وفيما يجب على أبنائها البررة من أعمال، يقوّيها التعاون ويضعفها التهاون، وأن أول الواجبات عليهم أن يلمّوا ما أصابها من شعث، ويقوّوا ما انتابها من وهَن، وأن يردّوا على هذه الحرفة التي يُباشرها القلم هيبتها في القلوب وتأثيرها في النفوس ومكانتها بين الناس، وأن يثلموا بهذه الأدوات الضعيفة قوّة الأقوياء، ويلينوا بها قسوة القساة، وأن يردّوا بها حجّة السيف داحضةً والسيف مفلولًا، وأن يتسامَوْا بهذه الطائفة من حملة الأقلام عن تدنيس نفسها بالمطامع وتسخير قواها للشهوات الدنية، فتتجافى عن الهزل في الزمن الجادّ، وعن الإسفاف في حين احتياجنا إلى السمو، وعن التدلّي في عصر الترقّي، وعن الطمع في وقت أحد أسلحتنا فيه التعفّف عما تقدمه لنا يد العدوّ من مطاعم كلها مطاعن، ومشارب كلها إلى الموت مسارب، وملابس كلها محابس، وأفكار كلها للموبقات أوكار، وعلوم كلها في ديننا ومقوّماتنا كلوم.

أيها الإخوان: حملةُ الأقلام فينا كثير، ولكن المصيب المسدّد منهم قليل، وكما يحتاج السيف إلى ساعد قوي يحتاج القلم إلى فكر مسدّد، وإن أقلامنا اليوم كالسيوف التي قال فيها الأول:

<<  <  ج: ص:  >  >>