للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"البصائر" في سنتها الثالثة *

بهذا العدد دخلت "البصائر" في سنتها الثالثة من طورها الجديد، أو من سلسلتها الثانية مستعينة بالله متوكلة عليه، مستعيذة بالمعوذات من كلامه، تستدفع بها كيد الكائد، وحسد الحاسد، وطغيان المتحكّم، وتستجلب بها من روح الله نفحات تنعش الفكر، وتسدّد القلم، وتمسح عن النفس الكلال والسأم.

تستأنف "البصائر" بهذا العدد مرحلة من مراحل جهادها في سبيل العروبة والإسلام، ولكنها مرحلة متّصلة الأسباب بما قبلها، ملتحمة الحاضر بالماضي، فميادين العمل في جميع المراحل واحدة، والعقيدة التي تعمل لها "البصائر" واحدة، والخصم واحد، وان ظهر في كل ثنية بشبح، وتلوّن في كل مطلع بلون، وحلّ في كل قضية بعون.

قطعت "البصائر" حولين من شبابها نامية مترعرعة- على كثرة ما لقيت من عوائق النمو- في جهاد للظلم مستمر، وجلاد مع المبطلين مستحرّ، بعدما قطعت أحوال صباها في التمرّس على الإقدام، والارتياض على الاقتحام، والتعوّد على الصراع والقراع، وهي في حالي صباها وشبابها ثابتة الخطى، واضحة المنهج، لم تزلّ لها قدم بعد ثبوتها، ولم تزغ لها في الحق بصيرة ولا بصر، ويسّرها الله لما خلقت له، فما نبا لها في معضلة رأي، ولا كبا بها في معترك فكر، ولا هفا لها في فتنة حلم.

واجهت "البصائر" في هاتين السنتين أحداثًا مثيرة، في ميادين كثيرة، فجال فيها هذا القلم جولات موفّقة، ان اخطأه في بعضها النجاح الذي يعرفه الناس، فلم يخطئه الإخلاص الذي يعلمه الله، والصدق الذي يحبّه الله، والنصح الذي يأمر به، وان العامل المخلص ليبوء بنجاحين، أحدهما مضمون، وهو إرضاء الله، وارضاء الضمير الذي هو وازع الله في نفس المؤمن.


* "البصائر"، العدد ٩١، السنة الثانية من السلسة الثانية، ٢٦ سبتمبر ١٩٤٩م.

<<  <  ج: ص:  >  >>