للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٩٥٢، وكان ذلك الفوج يضم خمسة وعشرين طالبًا وطالبة واحدة- هي زوجة أحدهم-، وفي السنة التي بعدها حطت ثلاثة أفواج رحالها في كل من العراق وسوريا والكويت، "بفضل مساعي الرَّئِيسُ الجليل- الإبراهيمي- وزميله في الكفاح الأستاذ الفضيل الورتلاني" (٣٨).

وإذا كانت الحكومات العربية في المشرق قد تحملت تكاليف إيواء أولئك الطلبة، فإن جمعية العلماء هي التي تولَّتْ إيواءهم في تونس والمغرب، حيث اكترت دارين- في تونس- لإسكانهم (٣٩)، واكترت مركزًا لِجَمعية الطلبة (٤٠)، هذه الجمعية التى تأسست في الثلاثينات "بتحريض من الإمام الإبراهيمي إثر اجتماع عقده مع العمال والطلبة في أحد أحياء العاصمة التونسية، وهو حي الحجامين" (٤١).

[ثانيا: في ميدان التنظيم]

[١) المركز العام]

لم يكن للجمعية قبل سنة ١٩٤٧ مقر خاص بها، وبعد أن استأنفت نشاطها عقب الحرب العالمية الثانية قررت أن يكون لها في العاصمة مقر خاص يتناسب ومكانتها الدينية وقيمتها العلمية وأهميتها السياسية، وقد اختير هذا المركز في حي القصبة التاريخي- قلب العاصمة- لما يمثله هذا الحي من أمجاد وأبعاد في تاريخ الجزائر. ومَنْ أعلم من جمعية العلماء ورئيسها بإيحاءات التاريخ ودوره في شحذ همم الشعوب، وشحن نفوسها، ودفعها إلى استعادة دورها في صنع التاريخ والإسهام في الحضارة، وهو ما أشار إليه فضيلة الشيخ أحمد سحنون في قصيدته التي ألقاها بمناسبة افتتاح هذا المركز، فقال:

وفيك يُبعث ماض طالما حييت ... على مآتيه أجيال وأعصار

يا فتية الضاد حان الوقت فاطرحوا ... هذا الْوَنَى وانهضوا، فالناس قد طاروا

سيروا على نهج آباء لكم سلفوا ... فإنهم في طريق المجد قد ساروا

شقوا الزحام إلى العلياء واقتحموا ... أَخطارها، إنما العلياء أخطار

اسعوا لتحيَوْا حياة العز، أو فَرِدُوا ... حوض الردى، فالردي يمحى به العار

أرواح آبائكم في الخُلد قد هتفت: ... تحرروا فجميع الناس أحرار (٤٢).


٣٨) محمد خير الدين: مذكرات ... ١/ ٢٣٢.
٣٩) انظر مقال "محمد خطاب" في الجزء الثالث من هذه الآثار.
٤٠) انظر مقال "السيد محمد خطاب الفرقاني" في هذا الجزء من الآثار.
٤١) محمد صالح الجابري: التواصل الثقافي بين الجزائر وتونس، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ١٩٩٥، [ص:٣٧].
٤٢) انظر القصيدة "بوركت يا دار" في الجزء الثالث من هذه الآثار.

<<  <  ج: ص:  >  >>