للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خماسيات عمر الأميري *

الأستاذ عمر بهاء الدين الأميري- وزير سوريا المفوّض في باكستان- شاعر موهوب، رقيق الحس، وجداني النزعة، خصب الشاعرية، مستجيب الطبع، متدفق الطبع، صادق التأمل، واسع التخيّل، نظم كثيرًا ولم ينشر شيئًا، وله في هذه الضنانة بالنشر أعذار بعضها معقول، وبعضها غير مقبول.

يختص كثير من شعر الأميري الذي سمعناه منه بوصف سرائر النفس وانفعالاتها ونشدان الصداقة الصادقة والود الخالص، ويفيض بالذاتية المستعلية بالله، المترفعة عن الاسفاف، المتعففة عن الشهوات إذا نافت الكمال، أو وقفت في الطريق إلى الله، ويسمو في كثير من أغراضه إلى صلة الروح بخالقها، وترقّيها في مجالي التقوى والإيمان فيدلّك حين تقرأه على قرب صاحبه من الله، والاعتزاز بعبوديته له، وقد تبدو في بعض شعره حيرة ولكنها حيرة المؤمن المسلم وجهه لله، لا حيرة الشاك المضطرب، فهو مع شبابه وإلمامه بمعارف عصره، وملابساته لفتن عصره، متين الإيمان بالله، صادق التعبّد له، قوي الخوف منه، وقاف عند حدود آداب الدين والمحافظة على شعائره محافظة دقيقة، ولكنه- مع ذلك- مرح طروب، مطلق اللسان في اصطياد النكت، بارع الذهن في استخراجها من مكامنها اللفظية، لا يتحرج في ذلك ولا يتحفظ، وقد تنزل به هذه البوادر عن منزلته الحقيقية عند من لم يعرفه إلا من طريقها، ولكن هذا الظن به لا يجاوز لحظات.

ولو رزق الأميري أناة في نظمه للشعر وصبرًا على تحكيكه وصقله واستفتاء أساليب البلغاء فيه لجاء منه شاعر أي شاعر، وقد أرشدته إلى هذا وعسى أن يفعل.


* تقديم لخماسيات الشاعر عمر بهاء الدين الأميري، «البصائر»، العدد ١٩٥، ٧ جويليه ١٩٥٢ (بدون إمضاء).

<<  <  ج: ص:  >  >>