للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقوى نفوذًا، ومن العجيب الدالّ على تقدير هذه الأمة للجميل أن معظم تأثّر أنصار هذا البرنامج آتٍ من اسم صاحبه واشتهاره ببعض المواقف في صالح المسلمين أكثر مما هو آت من التحقّق بصلاحيته في العاجل أو في الآجل، فهل هناك دليل أكبر من هذا على ذهاب هذه الأمة في المكافأة على الإحسان إلى الأمد الأقصى.

كان من رأينا في هذا النزاع والتحيّز إلى البرامج أن تلغى كلها، وأن لا يتّخذ واحد منها أساسًا للمطالب الجزائرية، وذلك لأنها كلها وضعت في ظروف خاصة وبُنيت على اعتبارات خاصّة، وقد ذهبت تلك الظروف وتلاشت تلك الاعتبارات وأصبحنا نسمع من شبه المسؤولين في الحكومة الشعبية أن حكومتهم مستعدّة لإعطاء أكثر ما يمكن من الحقوق للأمة الجزائرية، فلا يكون من السداد ولا من الحكمة أن نتقيّد في ظرف كهذا ببرنامج لو كلّف واضعه بوضعه في هذا اليوم لما رضي به لنا ولوضعه على نحو آخر، بل الواجب أن نضع لمطالبنا برنامجًا مستقلًّا منتزعًا من حالة الأمة الجزائرية منطبقًا على نفسيتها وميولها الخاصة، وقد صارحت بهذا الرأي إخواننا نوّاب عمالة وهران في اجتماعهم الأخير بتلمسان عندما رأيتهم مختلفين حول أسماء البرامج، فرجعوا إلى هذا الرأي واقتنعوا بسداده.

ثم لما قدمنا الجزائر وجدنا إخواننا كلهم رجعوا إليه واقتنعوا بسداده، وكانت نتيجة هذا كله أن قرّر المؤتمر عدم تقييد المطالب ببرنامج معيّن وعدم بنائها على أساس برنامج مخصوص.

ومعنى هذا كلّه أن المؤتمر بحكمه هذا وقراره هذا قد فضّ أعظم مشكلة وأزال أكبر خلاف كان يأتي- لو ترك- بأسوإ الآثار في المجتمع، فشكرًا للمؤتمر الإسلامي الجزائري على هذا القرار الخطير.

[اللجنة التنفيذية]

المؤتمرات في الحقيقة قوّات تشريعية تستمدّ قوّتها من الجمهور الحاضر المقرّر والجمهور الغائب المؤيد، والقوة التشريعية تحتاج دائمًا إلى قوة تنفيذية، تتابع الأعمال حتى تنتهي بها إلى التنفيذ، لذلك كان من الأصول المتّبعة في المؤتمرات أن تؤسس لها لجنة تُسمّى اللجنة التنفيذية، وظيفتها تنفيذ كل ما يقرره المؤتمر وتطبيقه على النحو الذي قرّر عليه، فإذا قرّر المؤتمر مطلبًا أو اقتراحًا سعت اللجنة في تنفيذه بجميع الوسائل وتتحمّل مسؤولية كل ما يقع من تقصير أو إخلال.

وعلى هذه السنة جرى المؤتمر الإسلامي الجزائري، فقرّر تأسيس لجنة وأقرّها المؤتمرون بالإجماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>