للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذكرى الثالثة لثورة نوفمبر *

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أيها الإخوان:

هذه ذكرى ثلاثة أحوال مرّت على جهاد إخوانكم الجزائريين، وثورتهم على العتوّ الفرنسي ثورة قوّضت أركانه، وأتت بنيانه من القواعد، وجلبت عليه الوبال والخبال، وستنتهي- في رجاء كرأي العين- بتحرير دينهم، وعروبتهم، وأعراضهم ورقابهم من قبضته، فبهذا اليوم سلخت الثورة ثلاث سنوات كل أيامها غرّ محجلة، وكل لياليها كليلة القدر مقدسة مبجّلة، وكل وقائعها انتصارات للفئة القليلة على الفئة الكثيرة مسجّلة، وكل نتائجها ثمرات من الوعد بنصر الله معجلة.

فتعالوا بنا في هذا المشهد، وأخبار النصر متوالية، وأصوات البشائر بقرب ساعة الفتح العزيز متعالية، نرسل إلى أولئك المجاهدين الأبطال تحيات زكية، تخالطها نفحات مسكية، تحملها عنا أمواج الأثير لا نسمات الصبا، ودعوات للولي الحميد بالنصر والتأييد، تطير بها أجنحة الإنابة، إلى مشارف الإجابة، نزجيها إمدادًا كالغيث في وقت الحاجة إليه، ونعدها إن لم تسعد الحال إسعادًا بالقلوب، إلى أولئك الأبطال الذين كتبوا بدمائهم الصفحات الأخيرة من تاريخ ذلك الشمال الملتحم الأجزاء، كما كتب أسلافهم الأولون أمثال عقبة والمهاجر وطارق الصفحات الأولى منه، ولا عجب فهؤلاء الأبطال متصلون بتلك الأنساب، متحدرون من تلك الأصلاب، ففيهم من الخصائص النفسية الموروثة ما ترون من آثار، وتسمعون من أخبار، ولا ترتابوا في أن هذا من ذاك.

...


* كلمة الشيخ في إذاعة القاهرة يوم ١ نوفمبر ١٩٥٧، بمناسبة الذكرى الثالثة لاندلاع الثورة التحريرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>