للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السياق التاريخي (١٩٤٧ - ١٩٥٢)]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

تعدو أطماع فرنسا في الجزائر إلى ما قبل سنة ١٨٣٠ بوقت طويل، فقد بعث الملك الفرنسي شارل التاسع رسالة في ١١ مايو ١٥٧٢ إلى سفيره في استانبول فرانسوا دو نواي ( F. de Noailles) يأمره فيها أن يطلب من السلطان العثماني سليم الثاني أن يتخلَّى - مقابل مبلغ مالي سنوي- عن الجزائر ليعيِّنَ عليها أخاه دوق أنجو ( le duc d'Anjou) - ( الملك هنري الثالث فيما بعد) (١).

وإذا كانت هذه المحاولة قد فشلت، فإن فرنسا لم تيأس من تحقيق أمنيتها في الاستيلاء على الجزائر، فتعددت- منذ ذلك الوقت- خططها، وتنوّعت مشروعاتها، التي تتحدث جميعها عن استعادة هذه البلاد- الجزائر- للمسيحية (٢).

وحقّق الفرنسيون أملهم باحتلال مدينة الجزائر سنة ١٨٣٠، وبدأوا تنفيذ خطة مَحْوِ خصائص الجزائر الحضارية، من دين ولغة ومعالم تاريخية، ليسهل- زعموا- استعادة الجزائر للمسيحية، ولم يتوقفوا عن تنفيذ تلك الخطة- ساعة من نها ر- طيلة وجودهم بالجزائر. ولذلك اعتبر الإمام الإبراهيمي احتلال فرنسا للجزائر "حلقةً من الصليبية الأولى" (٣)، وأنه "قَرْنٌ من


١) يزعم الفرنسيون أن طلَبَ مَلِكِهِمْ شارل التاسع كان بناءً على رغبة من الجزائريين!! وهو زَعْمٌ لا برها ن لهم عليه، ولا يصمد أمام أدنى نقد. انظر ذلك الزعم فى: Revue africaine, ٥e année
N° ٢٥, janvier ١٨٦١, pp.١ - ١٣
٢) أحمد عزت عبد الكريم: دراسات في تاريخ العرب الحديث، بيروت، دار النهضة العربية، ١٩٧٠، [ص:٣٠٥].
٣) انظر مقال "قضية فصل الدين .. لمحات تاريخية" في هذا الجزء من الآثار.

<<  <  ج: ص:  >  >>