للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتاب مفتوح]

إلى الأعضاء المسلمين بالمجلس الجزائري *

ــ

أيها السادة:

اسمحوا لنا حين سمّيناكم أعضاء ولم نسمّكم نوابًا فإننا ممن لا يكذب على الحقيقة؛ وكل عاقل يعرف الوسيلة التي تذرّعتم بها إلى هذا المنصب، يستحي أن يسمّيكم نوابًا بمعنى النيابة الذي يعرفه الناس؛ وإنما أنتم أعضاء تألف منها هيكل غير متجانس الأجزاء لا يجمع بينها إلا معنى بعيد، وعاملٌ غريب، ومصلحة ليس لكم ولا للأمّة منها شيء: وإنما أنتم موظّفون، لكم من النيابة لفظها وحروفها، ولكم من الوظيفة معناها وحقيقتها، وما دامت الانتخابات بالعصيّ فأبشروا بطول البقاء في هذه الكراسي.

النيابة وكالة عن جمهور؛ والشرط في الموكل أن يكون حرًّا مختارًا مطلق التصرّف. ولا أجرح عواطفكم بذكر شروط الوكيل؛ فليت شعري إذا قال النوّاب الأحرار: نحن وكلاء الأمّة، ونحن اختارتنا الأمّة. فماذا تقولون؟ ...

إن لكل عيب سترًا يغطّيه. وقد ستروكم بكلمة "مستقل" فما زاد العيبُ إلا افتضاحًا، لأن هذه الكلمة قد وُضعت في غير محلّها.

إن من المناظر التى تثير العبر وتُسيل العبرات في هذه الانتخابات أنكم كنتم تروْن كما يرى الناس صندوقين للانتخاب في قرية واحدة أو شارع واحد يدخل الأوروبي إلى أحدهما منشرحَ الصدر باسمَ الثغر حرّ التصرّف مطلقَ الإرادة والاختيار، فيعطي ورقته لمن شاء، معتقدًا أنه أدّى شهادة خالصة للحق لم يراع فيها إلا مصلحة جنسه ورضى ضميره.


* نُشرت في العدد ٣٣ من جريدة «البصائر»، ٢٦ أفريل سنة ١٩٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>