للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَدَّنِي مِنْ عُصْبَةِ الْيَهُودِ ... وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ شُهُودِي

قَدْ قَرَأُوا كِتَابَهُ إِلَيَّا ... وَأَثْبَتُوا تَشْنِيعَهُ عَلَيَّا

مَظاهر الأبطالِ الثلاثةِ في الرِّوايةِ:

بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ مَظْهَرٌ، ظَهَرَ بِهِ فِي جَمِيعِ مَوَاقِفِ الرِّوَايَةِ، تَحْقِيقًا لِشَخْصِيَّتِهِ فِيهَا، وَيَسْتَطِيعُ الْمُحَلِّلَ لِلرِّوَايَةِ، أَنْ يَسْتَخْرِجَ مَنَاحِيَ أُخْرَىَ غَيْرَ مَا نَذْكُرُهُ وَإِنَّمَا نَذْكُرُ الْأُصُولَ:

١ - فَالرَّئِيسُ يَظْهَرُ بِمَظْهَرِ الْمُدِيرِ الَّذِي لَمْ تُفَارِقْهُ رُسُومُ الْإِدَارَةِ. ١) الْمُحَافَظَةِ عَلَى تِلْكَ الرُّسُومِ حَتَّى فِي الْمَوَاقِفِ الَّتِي يَجِبُ إِلْغَاؤُهَا فِيهَا.٢) الْخَائِفِ الَّذِي لَا يَلْتَمِسُ الْقُوَّةَ مِنْ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَلْتَمِسُهَا مِنْ غَيْرِهِ. ٣) السَّيِّئُ الظَّنِّ بِالرَفِيَقِيْنَ يَحْكُمُ عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا يَحْمِلَانِ لَهُ حِقْدًا، وَيَنْطَوِيَانِ لَهُ عَلَى ضَغِينَةٍ، مِمَّا يَحْمِلُهُ الْمُعَلِّمُونَ لِلْمُدِيرِينَ، فَهُوَ يُدَاوِرُهُمَا فِي بَعْضِ الْمَوَاقِفِ مُدَاوَرةَ الْكَيْدِ، وَيَسْعَى كُلَّمَا لَاحَتْ لَهُ الْفُرْصَةُ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمَا، حَتَّى يَكُونَ أَحَدُهُمَا ظَهِيرًا لَهُ عَلَى الْآَخَرِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يُفْلِحْ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّ الْالْتِحَامَ بَيْنَهُمَا شَدِيدٌ وَلِأَنَّهُمَا عَلَى حَذَرٍ دَائِمٍ مِنْهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَصَغُوهُ فِي الْغَالِبِ لِلْجَنَّانِ. وَالْجَنَّانُ يُبَادِلُهُ بُعْضَ ذَلِكَ إِخْلَاصًا فِي مَحَلِّ الْإِخْلَاصِ، وَمُكَايَدَةً فِي مَحَلِّ الْكَيْدِ.

٢ - وَالْأُسْتَاذُ ابْنُ الْعَابِدِ يَظْهَرُ بِمَا يَأْتِي لِجَمَالِهِ: ١) (مُتَوَقِّعٌ لِلشَّرِّ وَالْخَسَارَةِ الْمَالِيَّةِ) مِنْ وَرَاءِ هَذِهِ الاِجْتِمَاعَاتِ. ٢) مُعَارِضٌ لِلرَّئِيسِ فِيمَا يَقُولُهُ حَقًا أَوْ بَاطِلًا. ٣) بَاذِلٌ جُهْدَهُ

فِي إِبْعَادِ هَذِهِ النَّكْبَةِ، وَتَأْخِيرِهَا بِقَدَرِ الْإِمْكَانِ. ٤) غَيْرُ وَاثِقٍ بِالْجَنَّانِ إِلَى النِّهَايَةِ، فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى النَّكْبَةِ الَّتِي يَتَوَقَّعُهَا. ٥) مُوَلِّدٌ لِلْأَعَاجِيبِ مِنَ الْهَنَاتِ الْيَسِيرَةِ. ٦) وَاقِفٌ بِالْمِرْصَادِ لِنَقْدِ مَا يَجِبُ نَقْدُهُ، وَقَدْ أَجَادَ فِي الْكَثِيرِ.

٣ - وَالْأُسْتَاذُ الْجَنَّانِ يَظْهَرُ فِي الْمَظَاهِرِ الْآتِيَةِ: ١) الْمُسَالَمَةُ وَالْمُلَايَنَةُ إِلَّا فِي مَوَاقِفِ الْجِدِّ. ٢) اللَّعِبُ عَلَى حَبْلَيْنِ وَلَوْ فِي مَوْقِفٍ وَاحِدٍ. ٣) السَّعْيُ فِي الْإِصْلَاحِ كُلَّمَا تَفَاقَمَ خِلَافٌ. ٤) الْمَيْلُ إِلَى الشِّرْعَةِ وَالْحَزْمِ.

[أسلوب الرواية]

أَمَّا أُسْلُوبُهَا فَهُوَ سَهْلٌ مُنْسَجِمٌ، مُتَلَاحِمُ النَّسْجِ، مَتِينُ التَّرْكِيبِ، فَصِيحُ الْمُفْرَدَاتِ، لَيْسَ فِيهِ تَكَلُّفٌ، وَلَا رُكُوبُ الضَّرُورَاتِ، الَّتِي أَلِفَ الرَّاجِزُونَ رُكُوبَهَا، بَرِيءٌ مِنَ التَّكَلُّفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>