للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التكالب الاستعماري على الجزائر *

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أيها الإخوة:

لا تعجبوا من هذا التهافت الشنيع من فرنسا على الجزائر، ومن هذا التكالب الفظيع على بقاء سلطانها الممقوت فيها، وبقاء ظلها البغيض ممدودًا عليها، ولا تعجبوا من تخاذل حُججها ومنطقها في الميدان السياسي كلّما عرضت القضية الجزائرية. لا تعجبوا من هذا كله، فإن الاستعمار مرض عضال في أهله، لا يزال بهم حتى يقضي عليهم، ومن أعراض هذا المرض ما ترون وما تسمعون من هذيان ونباح. وإن هذا المرض لم يسلم منه ساسة الإنكليز مع وفور حظهم من اعتبار الواقع. ومن عقابيل هذا المرض فيهم ما ترونه من تخبّط في الأردن واليمن.

ولا تعجبوا من سقوط أمريكا حامية الاستعمار، ومن ممالأتها العالمية له حتى أصبحت شريكة في اجتراح كل ما أصاب الجزائريين من بلايا. لا تعجبوا فالاستعمار ملة واحدة، وكله رجس من عمل الشيطان وقد وَجَد في أمريكا رائده الأول هدفه، وهو الطمع والاستغلال والأنانية مجموعًا بعضها مع بعض، ولكن هذه الأقانيم الثلاثة وجدت في أمريكا على الطريقة اليهودية التي عنوانها: "غنم بلا غرم"، فما زالت بها سياسة الإنكليز تجرّها جرًّا في الحروب الأخيرة إلى أن أغرقتها فاضطرّ الأمريكان إلى تبديل ذلك العنوان من مقت وخسران.

لقد يئس الاستعمار من القارة الآسيوية حينما أفاقت من نومتها الطويلة على قعقعة الأحداث، بعد أن وجد فيها رجال استطاعوا أن يجعلوا من القوة المعنوية في شعوبهم أسلحة تفلّ الحديد وتطفئ النار، وأن يجعلوا من الفطام على الشهوات ما يقتل الشهوات في أوكارها.


* لعلّ هذه الكلمة أُلقيت في إحدى إذاعات القاهرة، وهي ضمن أوراقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>