للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• ايجاد علاقة ثقافية علمية بين المؤسسات العلمية العربية، وهي فكرة نحسب أن الإمام الإبراهيمي حائز فيها بالسبق تفضيلاً؛ فأنشأ الأزهر فرعًا له في لبنان، وأنشأت جامعة القاهرة فرعًا لها في السودان.

• تمكين حاملي شهادة المعهد من الالتحاق بالمؤسسات التعليمية العليا في المشرق العربي، لأنه "ينوي توجيه النوابغ إلى استكمال معلوماتهم في جهة أخرى غير الزيتونة" (٢٦).

وهذان الفكرتان تدلان- وغيرهما- على النظرات المستقبلية للإمام الإبراهيمي، وما أكثرها عنده، فقد كانت بصيرتُه أحَدَّ من باصرته.

ورغم كثرة أعمال الإمام وتعدد مشاغله، فقد كان يولي المعهد عناية خاصة، يزوره باستمرار، ويسهر على حسن سيره، ويذلل ما يعترضه من عقبات، ويوفر له الإمكانات، ويختار له الكفاءات، ويكثر عنه الكتابات، ولم يكتف بجهوده الخاصة؟ فأسس له حركة سماها "حماة المعهد" (٢٧).

إن الأعمال العظيمة والمنشآت الكبيرة لا تقاس بما أُنفق فيها من أموال، وما بذل في سبيلها من مجهودات؛ ولكنها تقاس بالظروف التي أُنجزت فيها، والأهداف التي رسمت لها، والنتائج التي حققتها.

من أجل ذلك كان الإمام الإبراهيمي يعتبر المعهد إنجازًا عظيمًا، لأنه أُنجز في ساعة العسرة، وأُسِّسَ في ظروف مادية قاسية، وفي بحر من العراقيل الإدارية الشديدة؛ ولأنه عُهِد إليه تكوين جيل صحيح العقيدة، متين الخُلق، سليم التفكير، رِسالي المهمة، وأما النتائج فقد كان الإمام مطمئنًا إليها من أول يوم في حياة المعهد، بما وفَّر له من برامج سليمة، وتربية صالحة، وإدارة حازمة، وأساتذة أكفاء، ثم جاءت الأيام فصدَّقت ذلك كله، وأخرج المعهد للجزائر رجالاً في جميع المجالات، ولم يُكتب في تاريخ أحد منهم خيانة للوطن، أو تفريطًا في ثابت من ثوابته، أو ركونًا إلى عدوه.

[٢) بناء المدارس]

يعتقد الإمام الإبراهيمي أن التعليم "نوع من الجهاد"، ويرى المدارس "ميادين جهاد"، ويعتبر المعلمين "مجاهدين"، مستحقين لأجر الجهاد، لأن "التعليم هو عدو الاستعمار الألد".


٢٦) انظر مقال "معهد عبد الحميد بن باديس: ما له وما عليه" في هذا الجزء من الآثار.
٢٧) العربي التبسي: مقالات في الدعوة إلى النهضة الإسلامية في الجزائر، جمع: شرفي أحمد الرفاعي قسنطينة، دار البعث ١٩٨١، ج١ [ص:١٧١].

<<  <  ج: ص:  >  >>