في أيام الحملة الكبرى على الحكومة، وكتابة تلك السلسلة الوثيقة الحلقات من المقالات، في قضية فصل الحكومة عن الدين، ظهر "رجال الدين" بمظهر مناقض للدين، فكشفوا الستر عن حقيقتهم المستورة، ووقفوا في صف الحكومة مؤيّدين لها، خاذلين لدينهم وللمدافعين عن حرّيته، مطالبين بتأبيد استعباده، عاملين بكل جهدهم على بقائه بيد حكومة مسيحية تخرّبه بأيديهم، وتشوّه حقائقه بألسنتهم، وتلوّثُ محاريبه ومنابره بضلالتهم ... وتمسخ أحكامه بفتاويهم، وقد أخذوا في الزمن الأخير ببعض مظاهر العصر، وتسلّحوا ببعض أسلحته بإملاء من الحكومة للدفاع عن الباطل، فكوّنوا جمعية، وأنشأوا مجلة، وجهّزوا كتيبةً من الكتاب يقودها أعمى، خذلانًا من الله ليشترك عاقلهم وسفيههم في هذه المخزيات، بحكم العضوية في الجمعية، والاشتراك في المجلة، بعد ما كانوا يعملون فرادَى، فيمتاز البريء منهم من المجرم، ولو في دائرته الضيّقة وبين أهله وجيرانه.
دافعناهم- عندما ظهروا بذلك المظهر- بالحق فركبوا رؤوسهم، فتسامحنا قليلًا إبقاءً على حرمة المحراب والمنبر التي انتهكوها، فتشدّدوا إبقاءً على "حرمة" الخبزة، فكشفنا عن بعض الحقائق المستورة فلجّوا وحاصُوا، وثاروا وخاروا، فلما عتوا عن أمر ربّهم رميناهم بالآبدَة ... وهي أن الصلاة خلفهم باطلة ... لأن إمامتهم باطلة ... لأنهم جواسيس ...
...
* نشرت في العدد ١٧٧ من جريدة «البصائر»، ١٧ ديسمبر سنة ١٩٥١.